الدرس السادس والعشرون: الألف سنة

"لا تتعجبوا من هذا. فإنه تأتي ساعةٌ فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات الى قيامة الحياة والذين عملوا السيّآت الى قيامة الدينونة" يوحنا 5: 28 و 29

 

     إن الرجاء المبارك بالقيامة يبعث في قلوب آلاف المؤمنين البهجة والراحة. وهنالك قيامتان بموجب منطوق الآية هما قيامة الأبرار وقيامة الأشرار. أما المدة التي تتخلل هاتين القيامتين فنحن بصددها في موضوع بحثنا الآن.

 

     تتضمن مدة الألف السنة عند الكثيرين زمن سلم ورخاء على هذه الأرض ولكننا لا نستطيع التقرير الصحيح بهذا الأمر إلا إذا إستشرنا الكتاب المقدس. فحباً بإنارة عقولنا في هذا الموضوع الهام لنرجع إليه فنستقي من ينبوعه كلمة الحق كما وردت على السنة عبيد الله وخدامه.

 

الهاوية

1. أين يوثق الشيطان؟

"ورأيت ملاكا نازلاً من السماء معه مفتاح الهاوية وسلسلة عظيمة على يده. فقبض على التنين الحية القديمة الذي هو ابليس والشيطان وقيّده الف سنة" رؤيا 20: 1 و 2

 

     يوثق إبليس في الهاوية مدة الألف السنة. والهاوية حسب الأصل اليوناني هي مكان عميق خالٍ مقفر. وهذه الفكرة للخلو مستعملة للأرض في حالتها الأولى عندما كانت خربة وخالية. "وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة" تكوين 1: 2. وكما كانت هذه الأرض خربة وخالية ومقفرة وسيأتي وقت هو قريب جداً حين ترجع إلى حالتها الأصلية.

 

"نظرت الى الارض واذا هي خربة وخالية والى السموات فلا نور لها. نظرت الى الجبال واذا هي ترتجف وكل الآكام تقلقلت. نظرت واذا لا انسان وكل طيور السماء هربت. نظرت واذا البستان برية وكل مدنها نقضت من وجه الرب من وجه حمو غضبه" إرميا 4: 23-26. "فقلت الى متى ايها السيد. فقال الى ان تصير المدن خربة بلا ساكن والبيوت بلا انسان وتخرب الارض وتقفر" اشعياء 6: 11.   

 

     نرى من هذه النبوات بأن الأرض لا تكون خراباً فحسب بل تفرغ ايضاً من السكان فلا يبقى عليها إنسانٌ واحدٌ. وإليك وصفاً آخر لأرميا عن خراب الأرض الأخير بحيث لا يُترك فيها حيٌ البتة: "هكذا قال رب الجنود. هوذا الشر يخرج من امة الى امة وينهض نوء عظيم من اطراف الارض. وتكون قتلى الرب في ذلك اليوم من اقصاء الارض الى اقصاء الارض. لا يندبون ولا يضمون ولا يدفنون. يكونون دمنة على وجه الارض" إرميا 25: 32 و 33. سيأتي الوقت قريباً إذ تُنشر فيه جثث الموتى على وجه كل الأرض. فلا مَن يدفن ولا مَن ينوح بل تكون الجثث دمنة على سطح هذه الكرة.

 

 

الحوادث في بداءة الألف السنة

2. كيف يكون خراب الأرض؟

"هوذا الرب يخلي الارض ويفرغها ويقلب وجهها ويبدد سكانها.. تفرغ الارض افراغاً وتنهب نهباً لأن الرب قد تكلم بهذا القول.. انسحقت الارض انسحاقاً. تشققت الارض تشققاً. تزعزعت الارض تزعزعاً. ترنحت الارض ترنحاً كالسكران وتدلدلت كالعرزال وثقل عليها ذنبها فسقطت ولا تعود تقوم" اشعياء 24: 1 و3 و 19-20. "ويدخلون في مغاير الصخور وفي حفائر التراب من امام هيبة الرب ومن بهاء عظمته عند قيامه ليرعب الارض" اشعياء 2: 19. "ثم سكب الملاك السابع جامه على الهواء فخرج صوت عظيم من هيكل السماء من العرش قائلاً قد تم. فحدثت اصوات ورعود وبروق. وحدثت زلزلة عظيمة لم يحدث مثلها منذ صار الناس على الارض زلزلة بمقدارها عظيمة هكذا.. وصارت المدينة العظيمة ثلاثة اقسام ومدن الامم سقطت وبابل العظيمة ذكرت امام الله ليعطيها كاس خمر سخط غضبه" رؤيا 16: 17 و 18 و 20.

 

     ستحدث عند مجيء المسيح الثاني زلزلة عظيمة جداً تجعل الأرض تترنح كالسكران فتهدم المدن وكل ما صنعته يد الإنسان وتقلب وجه الأرض قلباً فتدك الجبال وترفع السهول والوديان فلا يبقى للأرض ذلك الشكل القديم. تغور البحار وتنهزم الأنهار. تغلي الأرض غلياناً فلا يبقى على وجهها شكلاً لحيوان.

 

     إن الهزة الأرضية التي حدثت في جنوبي إيطاليا سنة 1908 أودت بأرواح 76483 شخصاً وما دامت إلا ثواني قليلة والزلزلة التي نكبت اليابان سنة 1923 بمائة ألف نفس لم تتعد هزاتها الدقائق القليلة.

 

     لقد ملأت الصحف عواميدها بالأخبار المرعبة في هذه الآونة الأخيرة عن الهزات الأرضية التي تتعاقب في اليابان الواحدة تلو الأخرى فتهدم المدن وتودي بالأرواح بعشرات الألوف. فتصور كم يكون الخراب كاملاً عندما تترنح كل الأرض وتتزعزع تزعزعاً بظهور المسيح في سحب السماء.

 

3. ماذا يكون تأثير هذه النكبة على غير التائبين؟

"والسماء انفلقت كدرج ملتف وكل جبل وجزيرة تزحزحا من موضعهما. وملوك الارض والعظماء والاغنياء والامراء والاقوياء وكل عبد وكل حرّ اخفوا انفسهم في المغاير وفي صخور الجبال وهم يقولون للجبال والصخور اسقطي علينا واخفينا عن وجه الجالس على العرش وعن غضب الخروف لانه قد جاء يوم غضبه العظيم ومن يستطيع الوقوف" رؤيا 6: 14-17. "في ذلك اليوم يطرح الانسان اوثانه الفضية واوثانه الذهبية التي عملوها له للسجود للجرذان والخفافيش ليدخل في نقر الصخور وفي شقوق المعاقل من امام هيبة الرب ومن بهاء عظمته عند قيامه ليرعب الارض" اشعياء 2: 20 و 21. "وحينئذ تظهر علامة ابن الانسان في السماء. وحينئذ تنوح جميع قبائل الارض ويبصرون ابن الانسان آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير. فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه من الاربع الرياح من اقصاء السموات الى اقصائها" متى 24: 30 و 31.

 

     يندفع الناس في جهاد مستميت للحصول على القوة والسلطة وينغمسون في المحرمات ليشبعوا نهمهم ويبلغوا مآربهم الفاسدة يركضون وراء الأرباح المادية غير عابئين بما يمكن أن تجّر ذيولها عليهم من وبال. ولكن في ذلك اليوم الرهيب يقف الأقوياء المتسلطون في مملكة الناس والأغنياء الذين أعماهم حب الذهب والزناة الفاسدون بلا معين ولا رجاء. وفي ذلك اليوم تتحول كل المسرات الجامحة إلى حزن وآلام وأناشيد الحب الصخابة إلى نوح أليم. في ذلك اليوم، عند ظهور المسيح، يندم الأشرار والذين أهملوا واجباتهم فلم ينذروا الآخرين وإن ساعة الندم لآتية لا محالة.

 

"ويل للذين يشتهون يوم الرب. لماذا لكم يوم الرب هو ظلام لا نور" عاموس 5: 18. نشكر الله لأن باب الرحمة لا يزال مفتوحاً على مصراعيه ومن هذا الباب يمكننا الدخول إلى الأمجاد السماوية.

 

4. أية حوادث مجيدة تحصل عند ظهور يسوع؟

"لا تتعجبوا من هذا. فإنه تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة" يوحنا 5: 28 و 29. "لان الرب نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء والاموات في المسيح سيقومون اولاً. ثم نحن الاحياء الباقين سنخطف جميعا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء. وهكذا نكون كل حين مع الرب" 1تسالونيكي 4: 16 و 17.

 

     يدعو المسيح عند ظهوره الأموات الأبرار من قبورهم فيقومون بأجساد تتألق بإشراق المجد الخالد (1كورنثوس 15: 51-55) ويجتمع في حضرة هذا الفادي الأحباء الذين فصلهم الموت عن بعضهم البعض فلا يفترقون إلى الأبد. يا نعمها مكافأة لأتباع المسيح! الأبرار الذين يدعوهم المسيح من قبورهم والأبرار الأحياء يخطفون معاً في الهواء لملاقاة الرب وهكذا يكونون كل حين مع إلههم ومخلصهم.

 

5. أية مصيبة تنزل بالأشرار عندما يظهر المسيح بمجده؟

"في نار لهيب معطياً نقمة للذين لا يعرفون الله والذين لا يطيعون انجيل ربنا يسوع المسيح. الذين سيعاقبون بهلاك ابدي من وجه الرب ومن مجد قوته. متى جاء ليتمجد في قديسيه ويتعجب منه في جميع المؤمنين. لان شهادتنا عندكم صدقت. في ذلك اليوم" 2تسالونيكي 1: 8-10.

     لا يستطيع الخطاة أن يعيشوا في حضرة الله بكماله السماوي وفيما يلتف مجد المسيح ببهاءه حول الرض يسقط الأشرار أمواتاً لأنهم لا يقوون على إحتمال هذا المجد البهي.

 

مدة الألف السنة

6. ماذا يعمل بالشيطان بعد أن تخلو الأرض من سكانها؟

"فقبض على التنين الحية القديمة الذي هو ابليس والشيطان وقيّده الف سنة. وطرحه في الهاوية واغلق عليه وختم عليه لكي لا يضل الامم في ما بعد حتى تتم الالف سنة وبعد ذلك لا بد ان يحل زماناً يسيراً" رؤيا 20: 2 و 3.

 

     يطرح الشيطان في الأرض مقيداً فلا يستطيع الخروج منها ولا سكان فيها ليلتهي بتضليلهم فالأبرار صعدوا إلى السماء مع المسيح والأشرار اصبحوا جثثاً على وجه الأرض ولم يبق سواه في هذه الهاوية المظلمة حيث لا عمل ولا حركة يشغلانه مدة الألف السنة ولا مفر من هذا السجن المقرر.

 

     لقد انقضت أكثر من ستة لآلاف سنة والشيطان يسيء إلى الملايين من الناس بطرق شتى وكل من انقاد إليه فقد الحياة الأبدية بشباكه الملقاة دائماً لصيد الناس واقتناصهم. إذن لا عجب أن يرزح تحت عبء الخطية ونتائجها الجائحة. سيتأمل في من إقتادهم يوماً إلى الملاهي الفاسدة والحانات الفتاكة. سيتذكر حبال التجربة التي نصبها في زوايا الشوارع وفي داخل القلوب فجعل الكثيرين يهبطون في الشرك ثم تحرروا بدم يسوع بالإيمان به وبقوته المخلصة.

 

     في ذلك اليوم يبتهج المفديون الذين قبلوا المسيح بالرغم مما لاقوه من صعوبات الحياة ومقاومات الأشرار.

 

7. أين يكون الأبرار مدة الألف السنة؟

"وان مضيت واعددت لكم مكاناً آتي ايضاً وآخذكم اليّ حتى حيث اكون انا تكونون انتم ايضا" يوحنا 14: 3. "فعاشوا وملكوا مع المسيح ألف سنة" رؤيا 20: 4.

 

     يعتقد الكثيرون خطأً بأن المسيح سيحكم مدة الألف السنة على الأرض. إن هذه الآية التي نطق بها المسيح تكشف لنا الحقيقة فالأبرار الذين أُعدت لهم المنازل السماوية يصعدون إلى السماء ليقضوا فيها مع سيدهم مدة الألف السنة فيما يكون الشيطان مقيداً في الهاوية. ما أحسن الإنضمام إلى أولاد الله والحصول على منزل سماوي مع المسيح. لا بد أن المفديين وهم يتمتعون بالأمجاد الإلهية يستصغرون كل ما إنتابهم على الأرض من مرارة وتجارب.

 

8. أية ميزة تكون نصيب الأبرار مدة الألف السنة؟

"ورأيت عروشاً فجلسوا عليها وأُعطوا حكماً" رؤيا 20: 4. "مبارك ومقدس من له نصيب في القيامة الاولى. هؤلاء ليس للموت الثاني سلطان عليهم بل سيكونون كهنة للّه والمسيح وسيملكون معه الف سنة" رؤيا 20: 6. "ألستم تعلمون ان القديسين سيدينون العالم. فان كان العالم يدان بكم افأنتم غير مستاهلين للمحاكم الصغرى. ألستم تعلمون اننا سندين ملائكة فبالأولى امور هذه الحياة" 1كورنثوس 6: 2 و 3.

 

     يُعطى المفديون الفرصة للتنقيب والفحص في سجلات الهالكين، حينئذٍ تنقشع من هذه السجلات الدقيقة أمام العيون، الأعمال الخفية والشرور القلبية ويصار إلى محاكمة مَن لم يقبلوا المسيح ويذعنوا لوصاياه بكل عدالة ويكون الجميع شهوداً لهذه العدالة الإلهية في الخطاة المذنبين. سيرى قديسو الرب هذا القضاء بعين الرضى والإقتناع.

 

نهاية الألف السنة

9. أية حادثة تتميز بها نهاية الألف السنة؟

"وانا يوحنا رأيت المدينة المقدسة اورشليم الجديدة نازلة من السماء من عند الله مهيأة كعروس مزينة لرجلها. وسمعت صوتاً عظيماً من السماء قائلا هوذا مسكن الله مع الناس وهو سيسكن معهم وهم يكونون له شعباً والله نفسه يكون معهم الهاً لهم.. وذهب بي بالروح الى جبل عظيم عال وأراني المدينة العظيمة اورشليم المقدسة نازلة من السماء من عند الله" رؤيا 21: 2 و 3 و 10.

 

     تنزل أورشليم الجديدة إلى الأرض ليكون فيها مقرها الأبدي وسوف يشاهد المفديون جنود الشر تتلاشى أمام عيونهم فلا يبقى للخطية من أثر البتة إلى أبد الدهور.

 

10. متى يُحل الشيطان من حبسه؟

"واما بقية الاموات فلم تعش حتى تتم الالف السنة. هذه هي القيامة الاولى.. ثم متى تمت الالف السنة يحل الشيطان من سجنه ويخرج ليضل الامم الذين في اربع زوايا الارض جوج وما جوج ليجمعهم للحرب الذين عددهم مثل رمل البحر" رؤيا 20: 5 و 7 و 8.

 

     يقوم الأموات الأشرار عند نهاية الألف السنة على كلمة يفوه بها المسيح هؤلاء هم الخطاة الذين رقدوا في الخطية والإثم ينفضون عنهم الموت ويحضرون أمام المسيح حافظين على جباههم علامات الخطية لينالوا جزاء أعمالهم الشريرة. جماهير لا عدد لها من جميع الأجيال، جماهير مختلفة الألوان تقف على الأرض وفي المقدمة ابليس المحلول القيود خارجاً ليضل الأمم الذين في أربع زوايا الأرض.

 

"ودينَ الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم" رؤيا 20: 12. سيرى الخطاة البركة التي يتمتع بها المفديون من سلام وسعادة في تلك المدينة المقدسة الجميلة. هذه المدينة كانت نصيبهم أيضاً لو أنهم أصغوا إلى صوت الروح وقبلوا الحق يوم كانت أبواب الرحمة مفتوحة لهم.

 

11. ما الحيلة التي يلجأ إليها الشيطان مع هؤلاء الفاقدين الرجاء؟

"ويخرج ليضل الامم الذين في اربع زوايا الارض جوج وما جوج ليجمعهم للحرب الذين عددهم مثل رمل البحر. فصعدوا على عرض الارض واحاطوا بمعسكر القديسين وبالمدينة المحبوبة فنزلت نار من عند الله من السماء واكلتهم" رؤيا 20: 8 و 9

 

     يؤكد ابليس للجماهير العديدة أنهم سيستولون على المدينة المقدسة فينظم جيوشه ويندفع في المناواة والقتال فيكون جهاده هذا آخر جهاد الخطية.

 

12. كيف ينتهي العصيان على شرائع الله؟

"لان الاشرار يهلكون واعداء الرب كبهاء المراعي. فنوا. كالدخان فنوا.. بعد قليل لا يكون الشرير. تطلع في مكانه فلا يكون" مزمور 37: 20 و 10.

 

     ستمحو النار الشرير والأشرار معاً فلا يبقى على وجه الأرض ذكر للخطية.

 

13. ماذا يحقق إتمام مقاصد الله الأولية السامية؟

"لانه هكذا قال الرب خالق السموات هو الله. مصور الارض وصانعها. هو قررها. لم يخلقها باطلاً. للسكن صورها. انا الرب وليس آخر" اشعياء 45: 18. "لأني هأنذا خالق سموات جديدة وارضاً جديدةً فلا تذكر الاولى ولا تخطر على بال" اشعياء 65: 17. "ثم رأيت سماء جديدة وارضاً جديدة لان السماء الاولى والارض الاولى مضتا والبحر لا يوجد فيما بعد.. وسيمسح الله كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون فيما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع فيما بعد لان الامور الاولى قد مضت" رؤيا 21: 1 و 4.

 

     سينقي الله الكون إلى الأبد من علامات الخطية وأسباب الخطية. تتجدد الأرض فتصبح بجمال عدن الأصلية ويرجع إليها طابع الكمال والبهاء ولن تلطخها الخطية فيما بعد إلى الأبد. ينبض كون الله بالسعادة والإنسجام فلا حسد ولا غرور بل راحة ضمير وسلام أبديان وطوبى لمن يكون له ذلك النصيب الجميل في حضرة الفادي الكريم.

 

في سكون الشركة الإلهية

          "لأنه يقول. في وقت مقبول سمعتك وفي يوم خلاص اعنتك. هوذا الآن وقت مقبول. هوذا الآن يوم خلاص" 2كورنثوس 6: 2. كان أحد المراسلين الصحافيين في الطبقة التاسعة من بناية أخذت تحترق من اسفل وكان يبعث بواسطة الجهاز اللاسلكي وصف النيران المجتاحة وعندما تصاعدت هذه النيران وابتدأت تلتهم الطبقة الثامنة هَمَّ بالفرار من على سلم النجاة فرأى أن حديد هذا السلم قد إحمَّرَ ولم يستطع أن يتخلص لأنه انتظر طويلاً قبل أن يقرر الهرب مع سواه من السكان فراح هذا المغفل طعاماً للنار الجامحة.

 

     كم من المُسَلِمون اليوم بالحق بالإلهي ولكنهم يؤجلون القبول والتسليم ظناً منهم أن الوقت لا يزال طويلاً أمامهم فلهؤلاء يعلن الله قائلاً: "هوذا الآن وقت مقبول. هوذا الآن يوم خلاص".

 

     رقد الطفل الصغير مكفناً بالحرير فودعه الأب الملحد بالتنهد والبكاء قائلاً: "الوداع يا ولدي، الوداع إلى الأبد". أما الأم المؤمنة فقالت: "إلى اللقاء يا ولدي، إلى فجر القيامة!". ما أجَّلَ موقفها واكرب موقف الأب في مثل هذه الساع. طوبى لمن له هذا الرجاء الذي يعزي القلوب الكسيرة.

 

صلاة

     أيها الآب الحنون أسترحمك بأن تحفظ خطواتي في مسالك الطاعة والبر لأنني عندما أزن جزاء الحياة الأبدية مع حصاد العصيان اللئيم أرى الخطورة الكاسحة أمامي فأرجع إلى نفسي قابلاً حمل الصليب بصبر وإمتنان فساعدني يا إلهي على إحتمال كل ما يمكن أن أُلاقيه في طريق حياتي من صلبان تؤول لتمجيد اسمك القدوس آمين.