الدرس العاشر: علامات قرب مجىء المسيح

"وأما أنتم أيها الأخوة فلستم في ظلمة حتى يدرككم ذلك اليوم كلص" 1تسالونيكي 5: 4

ذُكر مجيء المسيح الثاني في العهد الجديد أكثر من ثلاثمائة مرة. تقول الاية أنه ينبغي ألا تفاجىء المؤمنين هذه الحادثة العظيمة. ذات يوم بينما كان يسوع جالساً على جبل الزيتون شرقي أورشليم أتى إليه تلاميذه وسألوه على انفراد قائلين: "قل لنا متى كون هذا وما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر" متى 24: 3.

 

     لم يغض يسوع الطرف عن اجابة هذا السؤال. بل عرّف التلاميذ بأن علامات ستحدث في الأيام الأخيرة، ويكون حدوثها دليلاً على قرب مجيئه المجيد، وإن كان اليوم والساعة مخفيين، ولا يعلم بهما أحد، يجب أن يعرف الجميع من هذه العلامات الفارقة أن وقت المجيء صار قريباً جداً، ثم ختم كلامه بهذه العبارات المؤثرة:

 

"هكذا انتم ايضا متى رأيتم هذا كله فاعلموا انه قريب على الابواب. الحق اقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله" متى 24: 33 و 34.

 

     في مصلحتنا أن ندرس بالتدقيق تلك العلامات السابقة لمجيء المسيح لأنه من تلك العلامات نعرف أن المجيء "قريب على الأبواب" ما أهلك الله العالم بالطوفان إلا بعد ما أنذرهم بقوله:

 

"لا يدين روحي في الإنسان إلى الأبد" تكوين 6: 3.

 

     وفيما يدنو العالم من هلاك شامل ينسحب روح الله من الأرض ويمتد حكم الشيطان ولا بد عندئذٍ من أن نترقب زيادة الشرور والفواجع من كل جهة براً وبحراً وجواً.

 

النكبات

1. أية مصائب طبيعية لا بد من أن تكثر في الأيام الأخيرة؟

"لأنه تقوم أمة على أمة ومملكة على مملكة وتكون مجاعات وأوبئة وزلازل في أماكن" متى 24: 7. "وتكون زلازل عظيمة في اماكن ومجاعات واوبئة. وتكون مخاوف وعلامات عظيمة من السماء... وتكون علامات في الشمس والقمر والنجوم. وعلى الارض كرب امم بحيرة. البحر والامواج تضج.  والناس يغشى عليهم من خوف وانتظار ما يأتي على المسكونة لان قوات السموات تتزعزع" لوقا 21: 11 و 25 و 26.

 

المجاعة: عقب الحرب العالمية الأولى أشد فواجع التاريخ هولاً. فقد اجتاحت المجاعة الأرض جارةً الملايين من الناس إلى نهاية تعسة وموت سابق الأوان. الهند والصين أحصتا ضحايا المجاعة بالملايين وقد أذاع مراسلو الصحف في روسيا أنه أثناء شتاء مخيف هلك أكثر من سبعة ملايين نفس من الجوع. وفيما ننظر إلى المستقبل يجب علينا أن ننتظر وقوع المجاعة واكتساحها الأرض على مقياس أوسع مما صادفه البشر إلى الآن.

 

الأوبئة: قبل أن يتلاشى صوت آخر طلقة من الحرب العالمية الأولى غزا بيوت الناس الفقراء والأغنياء على السواء في كافة أنحاء الأرض مرض هو أشد هولاً وأعظم خطراً من الحرب. إن الثمانية عشر مليوناً من ضحايا الأنفلونزا قد اثرت في عقول الأحياء وارتهم بأن نبوة متى 24: 7 بدأت تتحقق.

 

     لقد اكتشف العلم اكتشافات طبية عديدة وقد توصل بفضل هذه الاكتشافات الخارقة إلى علاجات عجيبة في فعلها ولكن أمراض جديدة تغزو البشرية من كل جهة وتهدد المسكونة بالفناء مثل السرطان والايدز وانفلونزا الطيور وغيرها.

 

الزلازل: عندما تنبأ المسيح عن الأيام الأخيرة بازدياد حدوث الزلازل في كل أقسام العالم، لم تكن الزلازل عندئذٍ أمراً يُخشى منه حتى أن أبناء القرن الأول كادوا لا يعرفون ما هي الزلزلة.

 

قال اشعياء في النبوة: "والأرض كالثوب تبلى وسكانها كالبعوض يموتون" اشعياء 51: 6.

 

     إذا كانت الزلازل التي حدثت في لشبونة – البرتغال سنة 1855 وفي ايطاليا سنة 1801 وفي الصين سنة 1920 وفي اليابان سنة 1923 وفي شيلي سنة 1939 وفي تركيا سنة 1940 وفي المكسيك 1986 واعصار تسونامي في شرقي آسيا 2004 الخ قد تركت الضحايا المكدسة التي تحصى بالملايين فمن ينكر عندئذٍ إن ارتجاجات الطبيعة ليست سوى علامات الأزمنة الدالة على أن مجيء المسيح "قريب على البواب".

 

     نتوقع زيادة الفواجع والحوادث المزعجة والعواصف المخربة بحراً وبراً وجواً. "وتكون علامات في الشمس والقمر والنجوم. وعلى الارض كرب امم بحيرة. البحر والامواج تضج.  والناس يغشى عليهم من خوف وانتظار ما يأتي على المسكونة لان قوات السموات تتزعزع" لوقا 21: 25 و 26.

 

علامات في السماء

2. ما هي العلامات الحادثة في السماء والمبينة قرب مجيء المسيح؟

"وللوقت بعد ضيق تلك الايام تظلم الشمس والقمر لا يعطي ضؤه والنجوم تسقط من السماء وقوات السموات تتزعزع" متى 24: 29.

 

     ما اقل المسيحيين الذين يعيرون هذه العالمات التي تمت بموجب نطق المسيح التفاتاً خاصاً!

 

  • ظلام الشمس الذي عقبه احمرار كالدم في القمر 19 أيار سنة 1780.
  • تساقط النجوم 13 تشرين الثاني سنة 1833.

 

           هذه الحوادث الفلكية الماضية تسجلت على صفحات التاريخ والموسوعات (دائرة المعارف).

 

     كثيرون من كتبة الأسفار المقدسة أشاروا إلى هذه الحوادث الخارقة في الطبيعة بدقة نبوية فائقة الوصف (لوقا 21: 25؛ مرقس 13: 24 و 25؛ رؤيا 6: 12 و 13؛ يوئيل 2: 10).

 

زيادة المعرفة والاختراعات

3. من تنبأ عن اكتشافات علمية قيّمة وما هي هذه الاكتشافات؟

"اما انت يا دانيال فاخف الكلام واختم السفر الى وقت النهاية. كثيرون يتصفحونه والمعرفة تزداد" دانيال 12: 4.

 

     شهد القرن الاخير نهضة جبارة في درس الكتاب المقدس فقد حملته جمعيات الكتاب المقدس إلى أقاصي الأرض وشرع الناس يبحثون في نبواته باهتمام لا عهد لهم به من قبل وقد ازدادت المعرفة فعلياً.

 

     كم شهدنا من ازدياد المعرفة العلمية في العقود الأولى من القرن العشرين وكم من اكتشافات بقيت في طي الغيب حتى أقبلت أيام الزمن الأخير لأن "المعرفة تزداد" في "وقت النهاية"؟ فكّر في الإختراعات العصرية العجيبة التي حققت نبوات مضى عليها 2500 سنة، الهاتف والتلغراف والراديو والكومبيوتر والانترنت والآلات الكهربائية المتنوعة والطائرات والصواريخ ومركبات الفضاء والخ.

 

     مشى العالم على نفس الخطوات مدة ستة آلاف سنة. كان يستغرق اجدادنا اشهراً عديدة في سفراتهم المحفوفة بالأخطار عبر القارة في مركبات تجّرها الخيل وعلى ظهور البغال والجمال أما الآن فالطائرة تقطع في ساعات قليلة ما كان يقطعه الأجداد في أشهر طويلة.

 

"المركبات بنار الفولاذ في يوم اعداده. والسرو يهتزّ. تهيج المركبات في  الازقة. تتراكض في الساحات. منظرها كمصابيح. تجري كالبروق" ناحوم 2: 3 و 4.

 

     عندما يقرأ المرء عن الدبابات الصاعقة والقاذفات النارية المحرقة يتبادر حالاً إلى ذهنه نبوة ناحوم. وعندما يراقب المركبات الحديدية الحديثة (السيارات والقاطرات الخ) تنكشف له حقيقة القول أنها "تجري كالبروق". اسمع صريف الفرامل وقرقعة المصابيح الزجاجية عندما "تهيج المركبات في الأزقة" فتتلاطم. تامل في دقة حذافير هذه النبوة. لنكن على حذر فإن يوم الرب قريب على الأبواب.

 

النزاع الإقتصادي

5. ما هي الأحوال الصعبة التي تسود العالم الاجتماعي في الأيام الأخيرة بموجب النبوات؟

"ولكن اعلم هذا انه في الايام الاخيرة ستأتي ازمنة صعبة. لان الناس يكونون محبين لانفسهم محبين للمال متعظمين مستكبرين مجدّفين غير طائعين لوالديهم غير شاكرين دنسين بلا حنو بلا رضى ثالبين عديمي النزاهة شرسين غير محبين للصلاح خائنين مقتحمين متصلفين محبين للذات دون محبة لله  لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوّتها. فاعرض عن هؤلاء" 2تيموثاوس 3: 1- 5.

"وكما كانت ايام نوح كذلك يكون ايضا مجيء ابن الانسان. لانه كما كانوا في الايام التي قبل الطوفان ياكلون ويشربون ويتزوجون ويزوّجون الى اليوم الذي دخل فيه نوح الفلك ولم يعلموا حتى جاء الطوفان واخذ الجميع. كذلك يكون ايضا مجيء ابن الانسان" متى 24: 37- 39.

"لعن وكذب وقتل وسرقة وفسق. يعتنفون ودماء تلحق دماء... قد هلك شعبي من عدم المعرفة. لانك انت رفضت المعرفة ارفضك انا حتى لا تكهن لي. ولانك نسيت شريعة الهك انسى انا ايضا بنيك" هوشع 4: 2- 6.

 

     في الاصحاح الثالث من رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس نقرأ عن تسع عشرة خطية. وندعوك أيها القارىء العزيز أن تلاحظ خصوصاً شمول العصيان للوالدين ففي السنين الأخيرة كاد الآباء يفقدون كل سلطة على البناء وقد اندهش المؤدبون والقضاة عندما رأوا ازدياد الجرائم بين الأولاد والأحداث الخارجين عن طاعة الوالدين.

 

     لقد أُهملت شريعة الله في زوايا النسيان ونتج عن ذلك الاهمال أن الناس تورطوا في الكفر وانغمسوا في الجرائم حتى أن سجلات محاكم الجنايات امتلأت في كل بلدان العالم من مثل هذه الجرائم فالولايات المتحدة الأمريكية المحسوبة من أرقى أمم الأرض ترصد 15 ملياراً من الدورلارات لملاحقة المجرمين وقمع الجنايات. إن معدل الضحايا المسفوك دمهم هدراً في الولايات المتحدة يبلغ الأربعين يومياً فهل شهد التاريخ مجازر كهذه في الحياة المدنية؟

 

     يذكر الكتاب بين علامات الأيام الأخيرة الدعارة والفسق فالناس "بلا حنو بلا رضى". فعندما يرى المرء انحطاط الآداب وسقوط الأخلاق في كل جهات الحياة، عندما يرى الرذيلة على شاشة التلفاز وعلى الانترنت وفي الكتب والمجلات، عندما يشاهد العائلات تمزق شملها دعاوي الطلاق، وعندما يسمع قول المسيح "كذلك يكون أيضاً" عند "مجيء ابن الإنسان" فكيف لا يصدق أن مجيئه قريب على الأبواب؟

 

علامات في عالم الدين

6. إلى أية حالة محزنة تنتهي الكنائس في الأيام الأخيرة؟

"ولكن اعلم هذا انه في الايام الاخيرة ستأتي ازمنة صعبة. لأن الناس يكونون... خائنين مقتحمين متصلفين محبين للذات دون محبة لله لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوّتها. فاعرض عن هؤلاء" 2تيموثاوس 3: 2 و 4 و 5. "لانه سيكون وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلّمين مستحكة مسامعهم" 2تيموثاوس 4: 3.

"كهنتها خالفوا شريعتي ونجسوا اقداسي. لم يميزوا بين المقدس والمحلل ولم يعلموا الفرق بين النجس والطاهر وحجبوا عيونهم عن سبوتي فتدنست في وسطهم" حزقيال 22: 26.

"عالمين هذا اولاً انه سيأتي في آخر الايام قوم مستهزئون سالكين بحسب شهوات انفسهم وقائلين اين هو موعد مجيئه لانه من حين رقد الآباء كل شيء باق هكذا من بدء الخليقة" 2بطرس 3: 3 و 4. "ويقوم أنبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرين ولكثرة الاثم تبرد محبة الكثيرين" متى 24: 11 و 12.

    

     ترك العالم الديني تعاليم الكتاب كما جاءت من المسيح والرسل والأنبياء، فالشهوات ومخالفة وصايا الله العشر والاستهزاء بمجيء المسيح الثاني ومحبة الاثم، كل هذه قادت إلى تعطش روحي في هذه الأوقات الخطيرة، تسمح بعض الكنائس بالرقص وارتياد السينما والملاهي والجلوس إلى المنضدة الحمراء غير حاسبة ما تجُّرُ هذه الاباحة من فساد. ها هي الساعة على وشك أن تدق معلنة أن مجيئه "قريب على الأبواب".

 

أعظم علامة

7. أية علامة ذكرها يسوع هي آخر العلامات؟

"ويكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الامم. ثم يأتي المنتهى" متى 24: 14

 

     يكرز بمجيء المسيح الثاني بألف لغة وفي اكثر من تسعة اعشار الكرة الرضية فما اقرب ذلك اليوم الرهيب حين ينزل المسيح من السماء مع جند الملائكة الأطهار. فهل أنت مستعد أيها القارىء العزيز لملاقاته؟

 

"لذلك كونوا أنتم أيضاً مستعدين لأنه في ساعة لا تظنون ياتي ابن الانسان" متى 24: 44.

 

تـاملات روحية

"ولكن متى جاء ابن الانسان العله يجد الايمان على الأرض" لوقا 18: 8

 

     يستهزىء اليوم أبناء الكنيسة كما الخارجون عنها أيضاً برجاء الدهور الذي هو رجوع السيد الرب ليمحو الخطية من الوجود. سبق يسوع وأعلن عن هذه الظلمة الروحية العامة التي تسبق مجيئه وما اصح ما قاله في الآية التي ذكرناها من لوقا 18: 8. انه يدعو الجميع بإلحاح لكي يستعدوا قائلاً: "اسهروا اذاً لانكم لا تعلمون في أية ساعة ياتي ربكم" متى 24: 42.

 

     هل ايمانك متقد؟ هل أنت منتظر وسهران؟ هل تبشر الآخرين برجوع السيد الرب عن قريب؟ هذا هو الرجاء الوحيد لعالم تائه في غشية وبحران.

 

صلاة

     في الجرائم والمصائب والفتور الديني داخل الكنيسة وخارجها اجعلني أيها الآب السماوي ارى علامات رجوع المسيح القريب. احفظ إيماني وثبّت قدميَّ في الحق وقلبي في البر وأعّني لأدرك أن مجيئ إبن محبتك قريب على الأبواب. اقبل يا رب هذه الصلوات بحق المسيح يسوع آمين.