الدرس العشرون: من غيّر السبت للأحد؟

"فأجاب وقال لهم وأنتم أيضاً لماذا تتعدون وصية الله بسبب تقليدكم... وباطلاً يعبدونني وهم يعلمون تعاليم هي وصايا الناس... كل غرسٍ لم يغرسه أبي السماوي يُقلع" متى 15: 3 و 9 و 13

 

     مع أن جميع الناس على إتفاق أن اليوم السابع هو سبت للرب فإننا لا نجدهم يكرمونه بل يكرمون الأحد بدلاً منه. ونرى من الواجب أن نُعرفك أيها الطالب العزيز كيف حصل هذا التغيير وماذا ينتظر الله من عبيده أن يعملوا بمثل هذه الحالة. كثيرون يقولون تمويهاً وتخلصاً "لا فرق عند الله بين يومٍ وآخر" أما الكتاب فيجعل فرقاً كبيراً.

 

"لان من حفظ كل الناموس وانما عثر في واحدة فقد صار مجرما في الكل لأن الذي قال لا تزن قال ايضا لا تقتل (وقال أيضاً احفظ يوم السبت لتقدسه) . فان لم تزن ولكن قتلت فقد صرت متعديا الناموس..." "فمن يعرف أن يعمل حسناً ولا يعمل فذلك خطية له" يعقوب 2: 10 و11؛ 4: 17.

 

     الحياة الأبدية لك إن أنت أطعتَ الوصايا وتعاليم السيد المسيح. أما في العصيان فموتٌ محتم. قال أحد الآباء اليسوعيون الأستاذ ت. أنزيت في كلية كانسس في الولاليات المتحدة ماترجمته: "إنني أقدمُ هدية ألف ريال لكل من يستطيع أن يقنعني بوجوب حفظ الأحد معتمداً على الكتاب المقدس فقط. ليس في الكتاب من نصٍ بهذا المعنى". نقلاً عن مجلة أميركا الصناعية عدد 19 كانون الأول سنة 1889.

 

     نشكر الله الذي أعطانا الكتاب المقدس مرجعاً لنا في كل الإختلافات، فهو وحده يفصل الخلاف ويجلو الحقائق. والمسيحي المخلص هو من يتبع أقوال سيده مهما كانت النتيجة ومهما كلف الأمر.

 

     سنسعى أن نفي الموضوع حقه بالبراهين التي نعتمد عليها من أسفار الكتاب ومن بعض المراجع من رجال الدين الأمناء بحيث لا يبقى من باب إلا ونطرقه حتى نرى ما تنطوي عليه حقيقة هذا الموضوع الهام وإننا نسألك أيها القارىء العزيز أن ترفع إلى الله قلبك بالصلاة لله حتى يرسل الروح القدس فيهديك إلى الإستنارة بنوره فترى عجائب من شريعته.

 

1. الآيات الواردة في الكتاب المقدس عن اليوم الأول لربما تستغرب أن الكتاب لم يأتِ على ذكر اليوم الأول إلا تسع مرات. ومن المهم أن تلاحظ تسمية أيام الأسبوع في الكتاب المقدس:

اليوم الأول: الأحد

اليوم الثاني: الإثنين

اليوم الثالث: الثلاثاء

اليوم الرابع: الأربعاء

اليوم الخامس: الخميس

اليوم السادس: الجمعة

اليوم السابع: السبت

     أما في اللغات الحديثة فتختلف هذه المسميات عن تسميتها الأصلية فالأحد أو اليوم الأول مثلاً في بعض اللغات يعني يوم الشمس إذ أن الوثنيين كانوا يعبدون الشمس في ذلك اليوم.  وإليك الآن التسع الآيات التي ورد فيها ذكر اليوم الأول:

  • أولاً: في تكوين 1: 5 "ودعا الله النور نهاراً والظلمة دعاها ليلاً. وكان مساء وكان صباح يوماً واحداً".

         ذُكر اليوم الأول هنا دون أي تلميح لتقدسه. وجدير بالذكر أن اليوم يبتدىء عند المساء أي عند غروب الشمس كما قرأنا "وكان مساء وكان صباح يوماً واحداً".

  • ثانياً: متى 28: 1 "وبعد السبت عند فجر اول الاسبوع جاءت مريم المجدلية ومريم الاخرى لتنظرا القبر".

     حق للنساء بعد مضي السبت أن يزرن القبر ولم يجئن ليلاً ليحنطن جسد المسيح بل إنتظرن إلى الفجر أي فجر يوم الأحد؛ وهنا يتبين جلياً أن اليوم الأول لم يكن يوم راحة.

  • ثالثاً: مرقس 16: 1 و 2 "وبعد ما مضى السبت اشترت مريم المجدلية ومريم ام يعقوب وسالومة حنوطا ليأتين ويدهنّه. وباكراً جداً في اول الاسبوع أتين الى القبر اذ طلعت الشمس".

     نرى من نص الآية أن النسوة أشترين الحنوط بعد غياب الشمس وأعددن هذه الحنوط ليلاً وفي الصباح "باكراً جداً في أول الأسبوع" ذهبن إلى القبر كما قررن ليدهُنَّ الجسد. وهنا أيضاً يتبين أن لا قداسة أُلصقت على هذا اليوم.

  • رابعاً مرقس 16: 9 "وبعد ما قام باكراً في أول الاسبوع ظهر اولاً لمريم المجدلية التي كان قد اخرج منها سبعة شياطين"

كتب الأنجيلي مرقس كتابه المعروف بعد قيامة المسيح بعدة سنوات فلو رتب المسيح أن يُحفظ الأحد يوم القيامة بدلاً من يوم السبت لورد هذا التقديس في أحد الأناجيل الأربعة التي كتبت بعد القيامة بسنوات عديدة.

  • خامساً: لوقا 24: 1 "ثم في اول الاسبوع اول الفجر أتين الى القبر حاملات الحنوط الذي أعددنه ومعهنّ اناس".

           من الآية السابقة التي في الإصحاح الثالث والعشرين يتبين أن أتباع المسيح كانوا يقدسون السبت "فرجعن واعددن حنوطاً وأطياباً وفي السبت إسترحن حسب الوصية" لوقا 23: 56.

  • سادساً: يوحنا 20: 1 "وفي اول الاسبوع جاءت مريم المجدلية الى القبر باكرا والظلام باق فنظرت الحجر مرفوعا عن القبر".

شرع يوحنا الرسول يكتب بعد القيامة بستين سنة ولم يُشر في كل كتاباته إلى تغيير من السبت إلى الأحد.

  • سابعاً: يوحنا 20: 19 "ولما كانت عشية ذلك اليوم وهو اول الاسبوع وكانت الابواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهود جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم سلام لكم".

            يتمسك البعض بهذه الآية قائلين أن التلاميذ كانوا مجتمعين ليكرموا يوم القيامة معيدين ولكن لما ظهر لهم يسوع وبخهم لأنهم لم يصدقوا أنه قام من الأموات "اخيرا ظهر للاحد عشر وهم متكئون ووبخ عدم ايمانهم وقساوة قلوبهم لانهم لم يصدقوا الذين نظروه قد قام" مرقس 16: 14 فكيف يمكن إذ ذاك أن يجتمعوا إكراماً للقيامة؟

  • ثامناً: أعمال 20: 7 و 11 و 13 "وفي اول الاسبوع اذ كان التلاميذ مجتمعين ليكسروا خبزا خاطبهم بولس وهو مزمع ان يمضي في الغد واطال الكلام الى نصف الليل... ثم صعد وكسر خبزا واكل وتكلم كثيرا الى الفجر. وهكذا خرج... واما نحن فسبقنا الى السفينة واقلعنا الى اسوس مزمعين ان نأخذ بولس من هناك لانه كان قد رتب هكذا مزمعا ان يمشي"

           هذا هو الإجتماع الديني الوحيد الذي يذكره الكتاب المقدس قد اقامه بولس الرسول مع التلاميذ الذين من ترواس ولكن هل يعني ذلك أنهم إحتفلوا به كيوم راحة. إن الآية تبين الدافع لإجتماعهم يوم الأحد- بولس كان مزمعاً أن يمضي في الغد فكان إجتماعهم هذا إجتماع وداع وخدمة دينية ليلقي عليهم النصائح الروحة- ثم لاحظ أن الإجتماع كان في المساء، أي حسب تعريفنا لليوم من نصف الليل إلى نصف الليل فالكتاب المقدس كما رأينا في أول هذا الدرس يقرر اليوم من الغروب إلى الغروب "وكان مساء وكان صباح يوماً واحداً... يوماً ثانياً..." إلخ.

 

     ثم بولس الرسول كان مستعداً للسفر في الغد أي نهار الأحد، فسار على قدميه مسافة ثلاثين كيلومتراً الأمر الذي لم يسمح به لو كان اليوم مقدساً للرب. يظن البعض أيضاً أنهم بمجرد ما كسروا خبزاً في هذا اليوم فقد إحتفلوا به إحتفالاً رسمياً. ولكن نرى في أعمال 2: 46 أن التلاميذ كانوا يكسرون الخبز يومياً "وكانوا كل يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة. واذ هم يكسرون الخبز في البيوت كانوا يتناولون الطعام بابتهاج وبساطة قلب". لقد رتب المسيح فريضة العشاء الرباني الخميس مساءاً ولا علاقة لهذه الفريضة بيوم الراحة قطعياً.

  • تاسعاً: 1كورنثوس 16: 2 "في كل اول اسبوع ليضع كل واحد منكم عنده. خازنا ما تيسر حتى اذا جئت لا يكون جمع حينئذ".

هذه هي المرة الوحيدة التي يذكر فيها بولس الرسول اليوم الأول حيث يسألهم أن يضعوا خازنين إحساناتهم في كل أول اسبوع حتى عندما يجيء تكون إحساناتهم وعطاياهم مهيأة. لاحظ أن الآية تقول "ليضع... عنده خازناً ما تيسر" أي يخزن في بيته إلى أن يجيء بولس ويأخذ إحساناً لفقراء أورشليم.

 

     نرى من هذه الآيات التي ذكرناها أن لا حجة من الكتاب المقدس يستطيع حفظة الأحد أن يتسلحوا بها وتعطيهم الحق بإبدال سبت الرب باليوم الأول من الأسبوع.

 

2. هل يجوز لأحد أن يزعم بأن الله يغير شريعته فيبدل حفظ السبت في الوصية الرابعة بحفظ الأحد مقدساً للرب؟

"فانصرف موسى ونزل من الجبل ولوحا الشهادة في يده. لوحان مكتوبان على جانبيهما. من هنا ومن هنا كانا مكتوبين. واللوحان هما صنعة الله والكتابة كتابة الله منقوشة على اللوحين" خروج 32: 15 و 16. "ناموس الرب كامل يرد النفس" مزمور 19: 7. "لا أنقض عهدي ولا أُغير ما خرج من شفتي" مزمور 89: 34. "قد عرفتُ أن كل ما يعمله الله أنه يكون إلى الأبد. لا شيء يُزاد عليه ولا شيء ينقص منه وإن الله عمله حتى يخافوا أمامه" جامعة 3: 14. "لأني أنا الرب لا أتغير" ملاخي 3: 6. "يسوع المسيح هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد" عبرانيين 13: 8.  

بما أن الله كتب بيده الوصايا العشر وبما أنه كامل ووصاياه كاملة فلا هو يتغير ولا وصاياه تتغير فلماذا إذن ينتظر الإنسان تغيير الوصية الرابعة؟

 

3. والمسيح كما رأينا في الدروس السابقة لا ينقض الشريعة ولا يغير حرفاً واحداً ولا نقطة واحة منها.

  • أولاً: إن المسيح الخالق أعطى وصية السبت في البدء (تكوين 2: 1-3). "فأكملت السموات والارض وكل جندها. وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل. فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل. وبارك الله اليوم السابع وقدسه. لانه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقا"
  • ثانياً: أمر أن يحفظ السبت لذكرى الخليقة (خروج 20: 8-11). "اذكر يوم السبت لتقدسه. ستة ايام تعمل وتصنع جميع عملك. واما اليوم السابع ففيه سبت للرب الهك. لا تصنع عملا ما انت وابنك وابنتك وعبدك وامتك وبهيمتك ونزيلك الذي داخل ابوابك. لان في ستة ايام صنع الرب السماء والارض والبحر وكل ما فيها.واستراح في اليوم السابع.لذلك بارك الرب يوم السبت وقدّسه"
  • ثالثاً: كان يحفظ السبت بدقة على حين أنه لم يُقم وزناً للتقاليد اليهودية (لوقا 4: 16 ومتى 15: 3 و 9). "وجاء الى الناصرة حيث كان قد تربى. ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرأ" "فاجاب وقال لهم وانتم ايضا لماذا تتعدون وصية الله بسبب تقليدكم.. وباطلاً يعبدونني وهم يعلمون تعاليم هي وصايا الناس"
  • رابعاً: لم ينبه أفكار أتباعه الأصفياء إلى أقل تغيير في الوصية الرابعة (لوقا 23: 56). "فرجعن وأعددن حنوطاً واطياباً. وفي السبت استرحن حسب الوصية"
  • خامساً: صرّح أنه ما أتـى قط لينقض الناموس (متى 5: 17 و 18). "لا تظنوا اني جئت لانقض الناموس او الانبياء. ما جئت لانقض بل لاكمّل. فاني الحق اقول لكم الى ان تزول السماء والارض لا يزول حرف واحد او نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل"
  • سادساً: جاء ليكرم الشريعة (إشعياء 42: 21). "الرب قد سُرّ من اجل بره.يعظّم الشريعة ويكرمها"
  • سابعاً: حفظ الوصايا العشر أما التقاليد اليهودية فلم يعتد بها بل رفضها رفضاً باتاً (يوحنا 15: 10). "ان حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي كما اني انا قد حفظت وصايا ابي واثبت في محبته"
  • ثامناً: قال لطلاب الحياة الأبدية أن يحفظوا الوصايا (متى 19: 17؛ يوحنا 14: 15؛ 1يوحنا 2: 3؛ 3: 22). "... ولكن ان اردت ان تدخل الحياة فاحفظ الوصايا" "ان كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي" "وبهذا نعرف اننا قد عرفناه ان حفظنا وصاياه" "ومهما سألنا ننال منه لاننا نحفظ وصاياه ونعمل الاعمال المرضية امامه"
  • تاسعاً: يقول الوحي إن كل المفديين في الأرض الجديدة يحفظون السبت (إشعياء 66: 22 و 23). "لانه كما ان السموات الجديدة والارض الجديدة التي انا صانع تثبت امامي يقول الرب هكذا يثبت نسلكم واسمكم. ويكون من هلال الى هلال ومن سبت الى سبت ان كل ذي جسد يأتي ليسجد امامي قال الرب"

           بما اننا لا نجد أية إشارة من المسيح لتغيير السبت إلى الأحد وبما أننا نراه يحفظ السبت ويكرم شريعة السبت فلا يمكننا طبعاً القول أن قداسة يوم الأحد من عمل الله- "كل غرس لم يغرسه ابي السماوي يُقلع" متى 15: 13.

 

4. أي يوم كان يحفظه بولس رسول الأمم؟

"فدخل بولس اليهم حسب عادته وكان يحاجهم ثلاثة سبوت من الكتب" أعمال 17: 2 "واما هم فجازوا من برجة وأتوا الى انطاكية بيسيدية ودخلوا المجمع يوم السبت وجلسوا.. وبعد ما خرج اليهود من المجمع جعل الامم يطلبون اليهما ان يكلماهم بهذا الكلام في السبت القادم.. وفي السبت التالي اجتمعت كل المدينة تقريبا لتسمع كلمة الله" أعمال 13: 14 و 42 و 44.

 

     بولس رسول الأمم إجتمع مع الأمم يوم السبت وليس يوم الأحد حسب منطوق هذه الآيات. فدخل بولس إلى المجمع وبين الأمم أيام السبوت "حسب عادته". "وفي يوم السبت خرجنا إلى خارج المدينة عند نهر حيث جرت العادة أن تكون صلاة" أعمال 16: 13. "وبعد هذا مضى بولس من اثينا وجاء الى كورنثوس. فوجد يهوديا اسمه اكيلا بنطي الجنس كان قد جاء حديثا من ايطالية وبريسكلا امراته. لان كلوديوس كان قد امر ان يمضي جميع اليهود من رومية. فجاء اليهما. ولكونه من صناعتهما اقام عندهما وكان يعمل لانهما كانا في صناعتهما خياميّين. وكان يحاج في المجمع كل سبت ويقنع يهودا ويونانيين" أعمال 18: 1-4.

 

     لا فرق أنّى كان يعمل بولس مع اليهود أم مع اليونان مع العبرانيين أم مع الوثنيين فقد اختار في كل الأحوال يوم السبت للعبادة الأسبوعية. عمل ستة أيام في الأسبوع في صناعة الخيام أما في اليوم السابع فكان يدخل موضع العبادة "حسب عادته". نقرأ في سفر الأعمال ان بولس أقام أربعة وثمانين إجتماعاً في السبوت ولا بد أنه كان يبشر في نسخ الطقوس التي إنتهى عملها على الصليب. ولكنه ما ذكر مرة واحدة عن تغيير الوصية الرابعة مما يدلنا أن يوم السبت اليوم السابع ليس سبتاً طقسياً كغيره من الأعياد.

 

لم ترد في الكتاب المقدس نصوص عن هذا التغيير فلنبحث إذن عن سجلات خارج الكتاب.

 

 

التغيير تدريجياً

5. كيف حدث التغيير؟

     في تاريخ الكنيسة سجلات عديدة عن هذا التغيير التدريجي. فقد تسربت الفلسفة الوثنية إلى الكنيسة الأولى فأفسدت تعاليمها النقية الطاهرة وأضعفت إيمان الكثيرين في بعض أسفار الكتاب المقدس على شكل ما تقوم به الفكرة العصرية من عمل هدام في بعض الطوائف المسيحية في هذه الأيام إذ تدس فيها على الدوام بعض الآراء والتعاليم المدنسة صفاء التعاليم المسيحية ونقاوتها.

 

     لم يمضِ عهد طويل حتى إعترفت المملكة الرومانية بالكنيسة فصارت تتعاون الواحدة مع الأخرى واصبحت الديانة المسيحية ديانة الشعب فأقبل إليها الوثنيون بالألوف إسمياً لا قلبياً وأدخلوا معهم إلى الكنيسة العادات الوثنية التي إنتزعت من المسيحية رونقها وبهاءها الأولين.

 

     بين الديانات الوثنية المنتشرة في ذلك العصر فاق نوع منها يسمونه "عبادة مثرايس" أي عبادة الشمس في اليوم الأول من الأسبوع- يوم الأحد. وبين المعتنقين هذا النظام والمندفعين في عبادة الشمس كان قسطنطين الإمبراطور الروماني الذي قبل المسيحية وسندها بسلطته الزمنية ولكنه لم يترك عبادة إلهه الشمس! ولقد تواطأ رجال الدين إكراماً له وللألوف الداخلة على إحترام يوم الأحد.

 

     نقرأ في دائرة المعارف بريتانيكا تحت عنوان "الأحد" إن قسطنطين عمم أمراً سنة 321 ب.م إلى كل المملكة الرومانية بوجوب حفظ هذا اليوم عيداً وطنياً وسماه "يوم الشمس الموقر". وفي خلال السنوات القليلة بعد ذلك أخذت الكنيسة الرومانية بإبدال السبت بيوم الأحد إبدالاً تدريجياً ففي سنة 325 ب.م أصدر سلفستر مطران رومية أمراً بوجوب تسمية اليوم الأول من الأسبوع بيوم الرب، وبذلك الأمر شجع حفظ يوم الأحد لا سيما وبعض المسيحيين كانوا يمارسون حفظه منذ السنة 200 ب.م.

 

     ثم قرر مجمع لاودكية حوالي سنة 364 ب.م أن يواظب المسيحيون على أشغالهم يوم السبت ويعتبرون الأحد يوم عبادة. ولقد قرر المجمع الكنسي في مدينة أورليان بفرنسا سنة 538 ب.م وجوب الإمتناع بتاتاً عن الشغل أيام الآحاد وكان يعم هذا الإنذار حتى الفلاحين في الحقول.

 

     من الناس الآن مَن يحتج أنه يسير على ما شب عليه منذ الصغر فالغلطة تلقى مسؤوليتها حسب ظنه على الآباء. إنها لحقيقة واهية لا تقوم على دعامة وسند لأن كتاب الله لم يرسل إلى أسلافنا فحسب، بل هو لكل الأجيال. والكلمة التي شوهت معناها الحقيقي كتب أجدادنا وأفكارهم وآرائهم لا تزال بنقاوتها وقوتها في كتاب الله- كتاب الأجيال.

 

شهادات رجال الدين

6. إذا إستشهدنا بما كتبه رجال الدين عن هذا الموضوع الهام لأحتجنا إلى مجلد كبير ولكننا نكتفي بالإشارة إلى الحقيقة الراهنة في أن الباحثين في مختلف الكنائس الأنجيلية يقرون أن الأحد هو تركيب الكنيسة وإليك ما قاله الدكتور هسكوكس المعمداني أمام جمع غفير ضمَّ مئات القساوسة في نيويورك سنة 1893:

 

     "... يا للأسف فالأحد وصمة الوئنية المتهادية إلينا من البابوية المرتدة ميراثاً قدسته لنا فقبلنا به وهو لم يكن إلا ذلك اليوم الذي فيه كان الوثنيون يعبدون الشمس وها نحن قد جعلنا منه الآن يوماً مسيحياً".

 

     إذا اردتَ زيادة إيضاحات وشهادات لبعض المراجع ذات الشأن فإننا مستعدون أن نوافيك بها حالاً.

 

المؤرخون

7. ماذا يقول المؤرخون وماذا ورد في السجلات اللامذهبية عن تغيير السبت؟

     "يقول المؤرخ الشهير هـ. ج. ولز في كتابه "ملخص التاريخ" صفحة 543 ما يلي ترجمته: "في خلال هذه المدة غير المحدودة يظهر أن أنظمة جديدة أُدخلت إلى المسيحية من الديانة المثراسية ومن الديانة المصرية القديمة. فمن الأولى اقتبست المسيحية يوم الأحد ليكون يوم عبادة بدل السبت اليهودي".

 

     ويقول نياندر في كتابه "تاريخ الديانة المسيحية والكنيسة" صفحة 186 مايلي: "كان يوم الأحد كباقي الأعياد ترتيباً بشرياً لا علاقة له بالديانة التي وضعها الرسل، إذ لم خطر لهم ببال أن ينقلوا سبت الوصية إلى يوم الأحد".

 

دائرة المعارف

     ننقل ما يلي عن دائرة المعارف بريتانيكا سنة 1899 مجلد 23 صفحة 654: "أصدر قسطنطين مرسوماً سنة 321 ب.م بحفظ أيام الآحاد ويشمل هذا المرسوم رجال الدولة وسكان المدن والصناعيين ما عدا الزراعيين والفلاحين... مجمع لاودكية (363)... يمنع المسيحيين أن يتهودوا بالبطالة يوم السبت".

 

     ننقل ما يلي عن دائرة المعارف لـ"أيدي" سنة 1872 صفحة 561: "اليوم الذي يعبد فيه الوثنيون الشمس هو اليوم الأول من الأسبوع... اليوم الذي باركه الله وقدسه هو اليوم السابع... يطلب من مخلوقاته أن يحفظوه مقدساً له وهذه الوصية هي فريضة أبدية... بارك الخالق اليوم السابع ببركة خصوصية... طالما المعطي الشريعة أبدي فلا يمكن أن تنقض وصيته الأبدية... يدعو الناس السبت سبتاً يهودياً على خطأ فهو لم يقصد به يوماً للأمة اليهودية بل هو لجميع المؤمنين بالله الخالق. وإنّى نجد فيه عنصراً يهودياً أكثر من بقية الوصايا التي نقبلها ونعتبرها كُتبت لنا دون السبت".

 

8. ما هو موقف الكنيسة الكاثوليكية من هذا التغيير؟

     دائرة المعارف الكثوليكية والكتب التاريخية للكنيسة والتعليم المسيحي وكل المراجع الهامة في الكنيسة الكاثوليكية تؤيد القول أن السلطة البابوية هي التي أبدلت السبت بالأحد وإن الكتاب المقدس لا يذكر شيئاً من هذا التغيير.

 

     نقرأ في دائرة المعارف الكثوليكية مجلد 4 صفحة 153 تحت عنوان وصايا الله ما ترجمته: "إن الكنيسة الكاثوليكية... بعد أن غيرت يوم الراحة من السبت اليهودي أو اليوم السابع إلى اليوم الأول جعلت... الوصية مشيرة بمنطوقها إلى يوم الأحد كيوم مقدس مثل يوم الرب".

 

     ولا يسعنا المقام هنا لسرد أسماء الكتب والرجال، إنما نذكرك أن تطلب زيادة إيضاح وإننا لمستعدون أن ننقل إليك أقوال مشاهير رجال الكنيسة الكاثوليكية في هذا الصدد.

 

     يتبين مما رأينا أن يوم الأحد هو من أصل وثني وبابوي وليس فيه أية قداسة إلهية مسيحية من كلمة الله التي هي قانون إيماننا الأوحد.

 

دعوة الأيام الأخيرة

9. هل من نبوة عن تغيير يوم الرب؟

"ويتكلم بكلام ضد العلي ويبلي قديسي العلي ويظن انه يغيّر الاوقات والسّنّة ويسلمون ليده الى زمان وازمنة ونصف زمان" دانيال 7: 25.

 

     تنبأ دانيال عن إرتداد روحي وأخيراً بأنه لا بد أن يصير هجوم على شريعة الله لتغيير الأوقات المقدسة ونرى إتمام هذه النبوة بإبدال يوم الرب بيوم الأحد أي يوم الشمس.

 

10. أي إنذار شامل من الله لنا كي نرجع إلى شريعته الثابتة بدلاً من قضاء الإنسان؟

"إلى الشريعة وإلى الشهادة إن لم يقولوا مثل هذا القول فليس لهم فجر" إشعياء 8: 20. "لاني اشهد لكل من يسمع اقوال نبوة هذا الكتاب ان كان احد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب. وان كان احد يحذف من اقوال كتاب هذه النبوّة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة ومن المكتوب في هذا الكتاب" رؤيا 22: 18 و 19. "هوذا الرب يخلي الارض ويفرغها ويقلب وجهها ويبدد سكانها.. والارض تدنست تحت سكانها لانهم تعدوا الشرائع غيروا الفريضة نكثوا العهد الابدي" إشعياء 24: 1 و 5.

 

11. أية خيبة مخزونة للذين يعلمون أو يتبعون التعاليم الفاسدة؟

"كهنتها خالفوا شريعتي ونجسوا اقداسي. لم يميزوا بين المقدس والمحلل ولم يعلموا الفرق بين النجس والطاهر وحجبوا عيونهم عن سبوتي فتدنست في وسطهم" حزقيال 22: 26. "ادخلوا من الباب الضيق.لانه واسع الباب ورحب الطريق الذي يؤدي الى الهلاك. وكثيرون هم الذين يدخلون منه. ما اضيق الباب وأكرب الطريق الذي يؤدي الى الحياة. وقليلون هم الذين يجدونه... ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات. بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السموات. كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا وباسمك اخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة. فحينئذ أصرّح لهم اني لم اعرفكم قط.اذهبوا عني يا فاعلي الاثم (الترجمة الحرفية يا كاسري الوصايا)" متى 7: 13 و 14 و 21-23.

 

     ما أرهب الإلتحاق بالجموع الماضية في طريق الهلاك! إنها لطريق سهلة المسلك تلك المؤدية إلى الموت. أفلا يجدر بك وأنت عالم أنها طريق الضلال أن تندم وترجع عن غيك بقطع النظر عما يراه سواك وعن الموقف الذي يقفه غيرك؟

 

     كثيرون يقدسون الأحد عن جهل وغباوة، أما الآن، في هذه الأيام الأخيرة فتطن كلمات الحق في آذاننا قائلة: " إلى الشريعة وإلى الشهادة إن لم يقولوا مثل هذا القول فليس لهم فجر ".

 

12. ما هي رسالة الإصلاح الأخيرة التي يجب أن تعم الأرض؟

"فلنسمع ختام الأمر كله. إتّق الله واحفظ وصاياه لان هذا هو الانسان كله. لأن الله يُحضر كل عمل الى الدينونة على كل خفيٍ إن كان خيراً أو شراً" جامعة 12: 13 و 14. "نادِ بصوت عال. لا تمسك. ارفع صوتك كبوق واخبر شعبي بتعديهم وبيت يعقوب بخطاياهم .. ومنك تبنى الخرب القديمة. تقيم اساسات دور فدور فيسمونك مرمم الثغرة مرجع المسالك للسكنى. ان رددت عن السبت رجلك عن عمل مسرتك يوم قدسي ودعوت السبت لذة ومقدس الرب مكرما واكرمته عن عمل طرقك وعن ايجاد مسرتك والتكلم بكلامك. فانك حينئذ تتلذذ بالرب واركبك على مرتفعات الارض واطعمك ميراث يعقوب ابيك لان فم الرب تكلم" إشعياء 58: 1 و 12-14. "طوبى للذين يصنعون وصاياه لكي يكون سلطانهم على شجرة الحياة ويدخلوا من الابواب الى المدينة..  ثم رأيت ملاكا آخر طائرا في وسط السماء معه بشارة ابدية ليبشر الساكنين على الارض وكل امة وقبيلة ولسان وشعب قائلا بصوت عظيم خافوا الله واعطوه مجدا لانه قد جاءت ساعة دينونته واسجدوا لصانع السماء والارض والبحر وينابيع المياه.. هنا صبر القديسين هنا الذين يحفظون وصايا الله وايمان يسوع" رؤيا 22: 14؛ 14: 6 و 7 و12. "فغضب التنين على المرأة وذهب ليصنع حربا مع باقي نسلها الذين يحفظون وصايا الله وعندهم شهادة يسوع المسيح" رؤيا 12: 17.

 

     النبوات عن النهضة الروحية في الأيام الأخيرة لها علاقة بالدعوة إلى الطاعة لوصايا الله العشر. إن هذه الدعوة مرتبطة كل الإرتباط برسالة البر بالإيمان. فحفظ الوصايا وقبول يسوع في قلوبنا وحدة لا تتجزأ لأن من يتبع يسوع يعمل بوصاياه دون تكلف.

 

     قامت نهضة الإصلاح تحت عناية الله الخصوصية ويده تقود المصلحين إلى كلمته المقدسة ووصاياه الثابتة مبعدة إياهم عن الإرتداد الروحي العظيم. وكانت لكل جيل رسالة نور خاصة مسؤول عنها أبناء ذلك الجيل. أما الدعوة الأخيرة لجيلنا هذا فهي الرجوع إلى حفظ وصايا الله المدوسة والتبشير بها في كل الأصقاع والأقطار وها إننا نسمع اليوم صوت هذه البشارة في نحو من ألف لغة. ما أبهج اليوم الذي فيه ينبعث الضياء العظيم بكامله من كلمة الله المقدسة هو يوم فيه نقترب نحو المدينة السماوية فرحين.

 

أيها الصديق تعال لنسير في هذا النور معاً وسط هذه الأزمنة الحرجة.

 

في سكون الشركة مع الله

"ألستم تعلمون ان الذي تقدمون ذواتكم له عبيدا للطاعة انتم عبيد للذي تطيعونه اما للخطية للموت او للطاعة للبر" رومية 6: 16. مَن تختار أيها الصديق ليكون سيدك- مَن تريد أن تطيعه المسيح أو الإنسان؟

 

     الناس يسلكون الطريق الأسهل؛ حتى بين شعب الله وكنيسة الله نجد كثيرين يدعون بالعضوية ومع ذلك فهم يختارون طريقاً سهلة المسير وإن كانت تؤدي إلى الهلاك المحتم. وأنت أي طريق تريد أن تسلك؟

 

     إننا بحاجة إلى نهضة روحية تثير فينا الطاعة الحقيقية وتلبسنا قوة من العلاء فنصرح قائلين: "ينبغي أن يُطاع الله أكثر من الناس" أعمال 5: 29.

 

صـــلاة

     إذ تنجلي أمامي أيها الآب السماوي حقائق كلمتك المقدسة، ساعدني لأقبلها بدون خوف ولا وجل غير ناظر إلى العالم وآراء العالم بي بل بالحري إليك أنت يا من بيده مفاتيح السماء والرحمة. أطلب يا رب إليك أن تغض الطرف عن ماضيَّ وتساعدني في المستقبل لأقف منتصراً للحق مهما كلف الأمر. بإسم المسيح أطلب هذه الطلبات فإستجبني يا رب آمين.