الدرس الرابع عشر: لماذا يسمح الآب الحنون بالآلام؟

كانت الفكرة السائدة عند اليهود قديماً أن الخطية يُعاقب عليها في هذه الحياة فكل مصيبة ظهرت كأنها قصاص يقع على المتألم لإساءة تصرفه أو شر توغل فيه ابواه. لا شك أن الآلام هي نتائج التعدي على وصايا الله ولكن هذه الحقيقة حُرفت وشُوهت. لا بل الشيطان، أصل الخطية ومبدعها والمسؤول الوحيد عن نتائجها، هو الذي همس في اذن الإنسان أن المرض والألم واالموت يفرضها الله بجور على الخاطئين.

     أما الله فلم يتركنا لنتخبط في هذه الأوهام ولذلك اعطانا درساً قيماً مآله نبذ هذه الفكرة المغلوطة. ولنا في قصة أيوب الدليل الواضح أن الشيطان هو الباعث على كل هذه الآلام.

 

"ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده" رومية 8: 28.

 

     كبيرة هي التعزية التي نجدها في هذه الآية فالتجارب مهما كثرت والأحمال مهما عظمت والصلبان مهما ثقلت والمحن مهما اشتدت يجدها المؤمن خفيفة الحمل إذ أنه متأكد "أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله". فكم من قلب كسير جبرته هذه الآية وخلصته من الهبوط والفشل؟ كثيراً ما ننسى أن يد الله تقودنا في الضيقات وتدبر أمورنا على الوجه الأكمل، ولنا في مثل هذه الأحوال إرشاد الرسول بطرس مذكراً:

"ايها الاحباء لا تستغربوا البلوى المحرقة التي بينكم حادثة لاجل امتحانكم كانه اصابكم امر غريب بل كما اشتركتم في آلام المسيح افرحوا لكي تفرحوا في استعلان مجده ايضا مبتهجين." 1بطرس 4: 12 و 13.

 

1. تأتي البلايا لإمتحاننا وإنالتنا البركات:

وقال أيوب: "عرياناً خرجتُ من بطن أمي وعرياناً أعود إلى هناك (إلى القبر) الرب أعطى والرب أخذ فليكن اسم الرب مباركاً. في كل هذا لم يخطىء أيوب ولم ينسب لله جهالة." أيوب 1: 21 و 22. "فقال الرب للشيطان هل جعلتَ قلبك على عبدي أيوب. لأنه ليس مثله في الأرض. رجل كامل ومستقيم يتقي الله ويحيد عن الشر وإلى الآن وهو متمسك بكماله. وقد هيجتني عليه لأبتلعه بلا سبب." أيوب 2: 3

"فأجاب أيوب الرب فقال: بسمع الأذن قد سمعتُ عنك والآن رأتك عيني. لذلك أرفض وأندم في التراب والرماد... ورد الرب على كل ما كان لأيوب ضعفاً" أيوب 42: 5 و 6 و 10.

 

لسفر أيوب مكان في الكتاب المقدس لا يملأ فراغه سواه. إن رجل الله هذا فقد اولاده وخسر مقتنياته الأرضية وأخيراً عاث في جسمه مرض عضال فإنتن وهو حي وكل ذلك "بلا سبب" يقول الرب. أقام الله أيوب مثلاً لكل أولاده الحقيقيين في كل الأجيال ليبين لهم ما يمكن أن يجوزوا فيه من صعوبات وما يمكن أن يحل بهم من الرزايا بيد العدو اللدود الشيطان الرجيم.

 

"الرب يعضده وهو على فراش الضعف. مهدت مضجعه كله في مرضه" مزمور 41: 3. إذا كنتَ متوجعاً وأنت في الفراش فالرب يراك ويعضدك. لا تيأس في ساعات الليالي الطويلة من أوجاع المرض فالرب لن ينساك، هو حافظك أبداً فسلم أمورك لرحمته.

"لا يدع رجلكَ تزل. لا ينعس حافظك. إنه لا ينعس ولا ينام حافظ إسرائيل" مزمور 121: 3 و 4.

يسمح الله غالباً أن يُعاق ذو الأشغال العالمية بمرض أو بلية تقعده عن العمل ليفسح له مجالاً للتأمل في السماء والأبدية. كم من مريض رأى المخلص وهو على فراش الألم إذ ترتفع عيناه نحو السماء حيث يرى معونته.

     قال أحد المتجددين: ما قادني إلى طريق الحق إلا مرض إمرأة عمي. كنتُ أراها تتقلب من شدة الألم على فراش الموت مدة ثلاث سنوات دون أن أسمع منها كلمة تذمر أو شكوى وقد شاقني ذلك إلى التمثل بها وإعتناق الديانة التي جعلت فيها هذا الصبر الجميل! لقد أعطيتُ قلبي إلى الله بفضل ما رأيت فيها من فضيلة ولكنها ماتت ولم تدرِ أنها خلصت نفساً إلى الرب.

     فهل تظن يا عزيزي إن تلك المرأة الفاضلة تختار التخلص من الآلام لو عرفت ما جاءت به آلامها من بركة إلى أحد أنسبائها؟

 

2. تحل علينا التجارب القاسية العنيفة لتطهر قلوبنا من الخبث والكبرياء.

"لكي يذوق بنعمة الله الموت لأجل كل واحد... أن يكمل رئيس خلاصهم بالآلام" عبرانيين 2: 9 و 19. إذا كان المسيح نفسه رئيس خلاصنا قد تكمل بالآلام فهل يليق بنا أن نتذمر من الوقوع بالآلام!

"هأنذا قد نقيتك وليس بفضة. إخترتك في كور المشقة" إشعياء 48: 10. "لأنه يعرف طريقي. إذا جربني أخرج كالذهب" أيوب 23: 10

     ما أشد نار الأتون الممحص وأقسى الدولاب الذي يصقل الجواهر والحجارة الكريمة. وما المحن سوى نار لذلك الذهب المصفى ومصقل لتلك الجواهر الثمينة والحجارة الكريمة التي يترصع بها تاج ملكنا وإلهنا.

     نعم إن الإنفصال عن العادات القبيحة التي عززناها في حياتنا يسبب العذاب الأليم لأن التغلب على النفس وقمعها يؤلم النفس جداً. "ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات" غلاطية 5: 24. "ودعا الجميع مع تلاميذه وقال لهم من أراد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني" مرقس 8: 34.

     إذا بدا لك الصليب ثقيلاً فكن مطمئن البال لأنه علامة التلمذة وصليب المسيح هو الجواز الذي يخولك الدخول إلى السماء.

ألم يلاحظ الله يوحنا الحبيب في التجربة المحرقة؟ وكان يوحنا هذا قد حمل الصليب طيلة حياته. ألم يقدر الله أن يتدخل وينجي من يد المضطهدين تلميذه العزيز وهم يرمونه في الزيت الملتهب حرارةً. لا بد أن يوحنا شعر بوحدة كالحة عندما سمع بالحكم الروماني المبرم (النفي المؤبد إلى جزيرة بطمس).

     يالضياع الوقت الثمين على هذه الجزيرة الصخرية المقفرة! ولكن يسوع ظهر ليوحنا بالرؤيا فنظر وإذا هو أمام السماء يتمتع بمنظرها البهي. ورأى خلال الأجيال المقبلة الحوادث الأرضية حتى نهاية الزمان ويوم الدينونة. من على الصخرة المنفردة الموحشة في البحر الواسع الأطراف صدرت أبهى رؤيا عن يسوع صخر الدهور ومشتهى الأجيال.

     إذا ظهرت لك الأيام قاسية جافة والحياة عارية من كل أنس وسعادة فلا تقنط إذ لربما يستعد الله لإظهار نفسه لك بصورة عجيبة. "إنتظر الرب ليتشدد وليتشجع قلبك وإنتظر الرب" مزمور 27: 14.

     لا بد أن الأربعين سنة في البرية بدت لموسى مظلمة مجدبة. أما الله فكان يعد من خلالها قائداً عظيماً يثبت في المحن والتجارب. كل الذين بقوا أمناء في الأوقات العصيبة إستطاعوا أن يقولوا بقلب صادق: "لم تسقط كلمة واحدة من جميع الكلام الصالح الذي تكلم به الرب عنكم. الكل قد صار لكم. لم تسقط منه كلمة واحدة" يشوع 23: 14.

 

3. الأيام القاتمة بالغيوم لها تأثير في نمونا.

     تجلب الغيوم المطر لتسقي الجفاف. يقولون أن الصحراء وليدة الشمس الدائم ونعم ما قيل فالغيوم المتلبدة فوق رؤوسنا ما هي إلا الرفد لحياتنا الجافة اليابسة. إذا بانَ الأفق مظلماً فلا تحسب أن الله بعيد عنك. كلا فهو يحجب مجده وراء الغيوم الكثيفة لئلا يبهرك نوره الوضاء. هو خلف الظل المقترب معه بإقترابه منك أيها الإنسان الضعيف.

     عندما ترى الكآبة راسية في حياتك والأحزان تطغي على قلبك كأنها تريد أن تسلخ منك الروح فتذكر أن الرب قريب وقد وعدك قائلاً:

"لا تخف لأني فديتك دعوتك بإسمك. أنت لي. إذا إجتزت في المياه فأنا معك وفي الأنهار فلا تغمرك. إذا مشيت في النار فلا تلدغ واللهيب لا يحرقك" إشعياء 43: 1 و 2.

 

     أمسكينٌ أنت؟ أمنكسر القلب أنت؟ أأسير الشكوك أنت؟ ألا تتبين طريق النجاة؟ أحياتك منسحقة لا تُجبر؟ إليك يسوع الذي جاء ليعينك ويخلصك.

"روح الرب علي لأنه مسحني لأبشر المساكين. أرسلني لأشفي المنكسري القلوب. لأنادي للمأسورين بالأطلاق وللعمي بالبصر وأرسل المنسحقين في الحرية" لوقا 4: 18.

 

     في كل الأجيال كان قلب الله المحب يحن على أولاده المتألمين ويشعر بضيقاتهم كلها. كثيرون منهم ظنوا أنهم متروكون مهملون مع أن أسماءهم كانت تسجل في السماء في درج الفخر والجهاد.

"وآخرون تجربوا في هزءٍ وجَلدٍ ثم في قيودٍ أيضاً وحبسٍ. رُجموا نُشروا جُربوا ماتوا قتلاً بالسيف طافوا في جلود غنم وجلود معزى معتازين مكروبين مذلين. وهم لم يكن العالم مستحقاً لهم. تائهين في براري وجبال ومغاير وشقوق الأرض" عبرانيين 11: 36-38.

"كما يترأف الأب على البنين يترأف الرب على خائفيه. لأنه يعرف جبلتنا. يذكر أننا تراب نحن" مزمور 103: 13 و 14.

 

4. تأتي التجارب لتعلمنا الطاعة.

"قبل أن أذلل أنا ضللت. أما الآن فحفظتُ قولك... خير لي أني تذللتُ لكي أتعلم فرائضك" مزمور 119: 67 و 71.   هل نتذمر إذاً من المربكات التي تاتينا بصورة التجربة؟

"الذي في أيام جسده إذ قدم بصراخٍ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت وسمع له من أجل تقواه. مع كونه إبناً تعلم الطاعة مما تألم به" عبرانيين 5: 7 و 8.

     إذا حزقت حبال المصائب عنقك فتذكر قول الرسول: "وقد نسيتم الوعظ الذي يخاطبكم كبنين يا إبني لا تحتقر تأديب الرب ولا تخر إذا وبخك. لأن الذي يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل إبن يقبله. إن كنتم تحتملون التأديب يعاملكم الله كالبنين. فأي إبنٍ لا يؤدبه أبوه" عبرانيين 12: 5 و 8.

 

     يعز على الله كثيراً أن يشاهدك في الآلام الضرورية للبنيان ويمتنع عن أن ينجيك منها. تصور ما يقاسي الوالد من إنقباض قلبٍ وهو يفتح يد إبنه عنوة ليخرج منها شظية حديد دخلت فيها وكادت تسمم دمه. يستغيث بلهف متحرق الإغاثة قلب الأب وليس من مجال للمعرفة، ولا بد من قلع الشظية.

     إذا شعرتَ بتفوق الأوجاع على إحتمالك وحسبتَ أن الله سَد أذنيه عن سماع صراخك فأذكر هذه الآية: "لأنه لا يُذل من قلبه ولا يُحزن بني الإنسان" مراثي إرميا 3: 33

 

5. المعاكسات الزمنية ترجع بنا أخيراً إلى الله.

"جياعٌ عطاشٌ أيضاً أعيت أنفسهم فيهم. فصرخوا إلى الرب في ضيقهم فأنقذهم من شدائدهم. وهداهم طريقاً مستقيماً ليذهبوا إلى مدينة سكن" مزمور 107: 5-7.

     كنتُ تاجراً في هذه المدينة وكان لي فيها مستودعان للبضاعة فخسرتُ كل ما عندي في أيام قليلة. ولكن لو بقيتُ على حالتي لما إستطعتُ أن أُخصص وقتاً لسماع بشارة الخلاص. وأنا الآن أشكر الله لأجل هذه الخسارة التي صارت لي ربحاً كبيراً. هذه الشهادة فاه بها رجلٌ هرم قبل المعمودية. طبعاً كان الله رحيماً لأنه رفع من هيكل هذا الرجل صنم المال ليهديه إلى المخلص. لم يرَ الله قريباً منه في يوم إفلاسه ولكن رآه بعد حين.

     من يخسر عمله ويسعى عبثاً لأيجاد عمل سواه فلربما يشعر أن الله قد تركه وتخلى عنه. ليتيقن مثل هذا أن بقاءه أميناً لله في اشد التجارب وكلوح الأيام يفسح له مجالاً لأيام سعيدة باهرة.

"فلاتتطلبوا أنتم ما تأكلون وما تشربون ولا تقلقوا. فإن هذه كلها تطلبها أمم العالم. وأما أنتم فأبوكم يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه. بل اطلبوا ملكوت الله وهذه كلها تُزاد لكم" لوقا 12: 29-31.

 

6. يسمح الله أحياناً بالموت لخلاص النفس أو لخلاص آخرين.

"لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ لكنه يتأنى علينا وهو لا يشأ أن يهلك أناسٌ بل أن يقبل الجميع إلى التوبة" 2بطرس 3: 9.

     إن الله ليهمه جداً خلاص الأنفس وهو يضحي احياناً بحياة الأبرار على هذه الأرض لأجل نفس واحدة تخلص إلى الأبدية. كم من طفل بار دفنته أيدي والديه فكان سبباً للخلاص لمن وضعاه في التراب والحرقة تكوي قلبيهما. إن شغف الوالدين باللقاء بطفلهما في الأبدية قربهما إلى الله تعالى وإلى المثول لأحكامه وإستماع وصاياه. ما أعظم أحكامك يا رب. طوبى لمن يُسلم أموره إليك بكليتها فيحيا مطمئن البال كل أيام حياته.

 

7. تحدث لنا أحياناً مصائب فاجعة لا نستطيع لها إدراكاً.

     يدبر الله كل امورنا بمحبة فائقة الإدراك. "فإن الجبال تزول والآكام تتزعزع. أما إحساني فلا يزول عنك وعهد سلامي لا يتزعزع قال راحمك الرب" إشعياء 54: 10.

     كان يوشيا أحد ملوك يهوذا الأتقياء الذي قوَم إعوجاج الشعب وأدخل عبادة رب السماء بعد أن زاغ الشعب وفسد وعبد الأصنام. ذلك الملك الذي كان مثال التقوى والإستقامة راح ضحية في القتال وهو في الثامنة والثلاثين من عمره. فكيف سمح الله بذلك؟ إننا نجهل سر هذا التدبير ولكننا نعلم يقيناً أن الله سيكشف في الأبدية ما هو غامض على أعيننا الآن.

     كان يوحنا المعمدان مثال الكمال وإنكار النفس. عاش لغاية واحدة هي تمجيد سيده. لماذا سمح الله إذاً بأن يُقطع رأسه وهو في الثلاثين من عمره؟ لماذا لم يتوسط يسوع وهو القريب منه لإنقاذه؟ لماذا لم يذهب ليزوره في تلك الساعة المظلمة قبيل موته؟ لا بد من أن نعرف كل هذه الأسرار فيما بعد.         

     إن شهادة يسوع عن يوحنا تدلنا أنه كان مهتماً به جد الإهتمام. "الحق أقول لكم لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان. ولكن الأصغر في ملكوت السموات أعظم منه" متى 11: 11.

     إن الله الحائك الأعظم لأدرى بقطع بعض الخيوط التي هي أقصر من سواها وقد علمنا أن نصلي بإذعان في الإرادة: "لتكن مشيئتك". "لأن الرب لا يرفض شعبه ولا يترك ميراثه" مزمور 94: 14.

 

8. إذا كنا نملك مع المسيح فيجب أن نتألم معه كذلك.

"صادقة هي الكلمة أنه إن كنا قد متنا معه فسنحيا أيضاً معه. إن كنا نصبر فسنملك أيضاً معه إن كنا ننكره فهو أيضاً سينكرنا" 2تيموثاوس 2: 11 و 12.

     إنه لسرور عظيم أن نشاركه في الآلام فالعذاب الذي تتحمله يقربك إلى مشاركة المسيح في صلبه. ألا تشعر بآثار المسامير وبوخز شوك التجربة في حياتك؟ إن المسيح يصبح لدينا عزيزاً كلما تعذبنا من أجله.

 

      تأمل في عذاب بولس الرسول وهو يعمل في الحقول التبشيرية: من اليهود خمس مرات قبلت اربعين جلدة الا واحدة. ثلاث مرات ضربت بالعصي. مرة رجمت. ثلاث مرات انكسرت بي السفينة. ليلا ونهارا قضيت في العمق. باسفار مرارا كثيرة. باخطار سيول. باخطار لصوص. باخطار من جنسي. باخطار من الامم. باخطار في المدينة. باخطار في البرية. باخطار في البحر.باخطار من اخوة كذبة. في تعب وكد. في اسهار مرارا كثيرة. في جوع وعطش. في اصوام مرارا كثيرة. في برد وعري" 2كورنثوس 11: 24-27.

لم يشعر بولس رغم هذا كله بأنه إحتمل كثيراً لأجل المسيح. وقد ترك للمتألمين في العصور التالية هذه الشهادة الخالدة: "لأن خفة ضيقتنا الوقتية تنشىء لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبدياً" 2كورنثوس 4: 17. إن سنوات آلامنا القليلة تتضاءل إذا قوبلت بالأفراح الأبدية. ألا تستطيع أيها الصديق أن تثبت قليلاً إكراماً للمسيح والأبدية؟

 

9. إن آلامنا الحاضرة تزيدنا قابلية لتقدير الأفراح السماوية ومتعتها.

"فإني أحسب أن آلام الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا" رومية 8: 18. لولا العطش لما عرفنا قيمة الماء ولولا الجوع لما اقمنا وزناً للطعام ولولا المرض لما عرفنا اهمية الصحة. إن آلامنا في هذه الحياة تؤهلنا للتمتع بسعادة أبدية.

 

10. لنجعل من الخيبة إنتصاراً.

"فقال لي تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحل علي قوة المسيح" 2كورنثوس 12: 9. تبدو قوة الله الحقيقية في ضعف الإنسان، فصلِ إلى الله كل حين وفي كل مصيبة ليمنحك القوة لمقاومة الشيطان ولإرشاد الضالين إلى الطريق المستقيم.

 

تأملات روحية

"في كل ضيقهم تضايق وملاك حضرته خلصهم بمحبته ورأفته هو فكهم ورفعهم وحملهم كل الأيام القديمة" إشعياء 63: 9. عندما عطش شعب الله عطش الرب معهم وعندما جاع جاع المسيح معه وعندما لدغته الحيات شعر الله بسم لدغاتها لأنه "في كل ضيقهم تضايق".

      إذا إنتابتك الآلام المبرحة فأعلم أن يسوع يتألم معك إذا إنكسر قلبك فقلب يسوع يتوجع من أجلك. إذا إفتقرت وكان نصيبك العوز فيسوع إفتقر من قبل لأجلك. إذا أودعت عزيزاً في التراب فيسوع ينوح متألماً ويتوق إلى اليوم الذي فيه "سيمسح الله كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد لأن الأمور الأولى قد مضت" رؤيا 21: 4. "لأني هأنذا خالقُ سموات جديدة وأرضاً جديدة فلا تُذكر الأولى ولا تخطر على بال" إشعياء 65: 17.

 

صلاة

      أعطني يا رب الصبر في الآلام والنعمة التي تقويني على إحتمال التجارب. ساعدني لأدرك حقيقة الآلام التي تسمح بها حتى أصير شريكاً مع المسيح في آلامه. نقِ قلبي من الخبث وهيئني للملكوت الأبدي بأسم يسوع آمين.