الدرس الحادي والعشرون: الاعتراضات بخصوص السبت والاجابة عليها

"إنه مكتوبٌ في الأنبياء ويكون الجميع متعلمين من الله. فكل من سمع من الآب وتعلّم يُقبلُ إليَّ" يوحنا 6: 45

 

     إنها لميزةٌ عظيمة أن يكون المرء متعلماً من الله و "من مثله معلماً" أيوب 36: 22. كل من يسير بموجب هذا التعليم لا بد أن يتمتع بالسكينة والإطمئنان لأنه يؤدي رأساً إلى المسيح فلا إنزعاج ولا إضطراب في النفوس البريئة ولا حيرة ولا إرتباك في الضمائر المستقيمة. فإلى كلمة الله يا أبناء الله، لنسترشد بها ونقبلها كما هي نازلة من عند أبي الأنوار الذي ليس لديه ظل دوران ولقد أكد يسوع إقتياد المخلصين إلى معرفة الحق القويم بقوله:

"إن شاء أحدٌ أن يعمل مشيئته (الله) يعرف التعليم" يوحنا 7: 17. "وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه" يوحنا 16: 13. "ذو الرأي الممكن تحفظه سالماً سالماً لأنه عليك متوكل" إشعياء 26: 3.

 

     حذارِ من العدو الذي يرمي في سبيلك العثرات فيما أنت تطلب الإلتحاق بالحق لتصير من رعية المسيح. إنك لتتعجب من الأسباب المتعددة والمختلفةالبراهين التي يقدمها لك حفظة الأحد لأنهم لا يجدون لحججهم سنداً من الكتاب المقدس فيلجأون إلى الإعتراضات التي لا تمت إلى الكتاب بأقل علاقة، ولذلك قد خصصنا هذا الدرس الحادي والعشرين للبحث في أهم هذه الإعتراضات التي يتسلح بها الكثيرون وللإجابة عنها ببراهين مختصرة ولكنها سديدة تكفي المؤمن المخلص أن يقف ضد هجمات العدو اللدود الذي يسعى أبداً للحط من قيمة كلمة الله وأوامره المقدسة.

 

الإعتراضــــــات

1. كيف يستطيع الناس أن يحفظوا السبت بوقتٍ واحدٍ على الكرة الأرضية المستديرة مع العلم بأن نهارنا يكون ليلاً في الجهة المخالفة من الأرض؟

     لا يسهُ عن بالنا أول شيء أن الله الخالق عرف ما خلق فالأرض المستديرة هو صنعها. "الجالس على كرة الأرض... الذي ينشر السموات كسرداقٍ ويبسطها كخيمةٍ للسكن" إشعياء 40: 22. "لما ثبّت السموات كنتُ هناك أنا. لما رسم دائرةً على وجه الغمر" أمثال 8: 27. قال الله لشعبه أن يبدأوا العبادة يوم الجمعة عند غروب الشمس فالسبت يبتدىء الجمعة مساءً وينتهي السبت مساءً حسب الترتيب الإلهي "... من المساء الى المساء تسبتون سبتكم" لاويين 23: 32. "ولما صار المساء اذ غربت الشمس قدموا اليه جميع السقماء والمجانين" مرقس 1: 32.  

 

     فيما تدور الأرض على محورها فتستنير بأشعة الشمس حتى المساء عندما تغيب عن العيان يرى أبناء الله الأوفياء أن النهار قد مضى فيستقبلون يوماً آخر وعندما تغرب شمس الجمعة حينئذٍ يُكرسون اليوم السابع للرب. وكما أن حفظة الأحد يكرمونه ولا يجدون صعوبة في تحديد اليوم مهما إبتعدوا عن بلادهم، وكما ان المسلمين يعرفون متى يستقبلون يوم الجمعة أنّى وُجدوا، هكذا فالحافظ السبت مقدساً للرب يستطيع تحديده أنّى أوجدته الأحوال.

 

     هل يُضيع الإنسان عن الإحتفال بيوم مولده إذا هو إجتاز مئات البلدان وعبر عشرات البحور؟

 

2. ألم يتغير التقويم أبداً (الروزنامة)؟ أو لم يَضع الإنسان عن الوقت منذ الأزمنة البعيدة؟

     هل سمعتَ أن عائلة بكاملها أم بلداً بكامله أم أمةً بكاملها أم العالم بكامله تاه عن تعيين اليوم أم السنة؟ إن الأمر لمستحيل. وإفترض أن العالم فقد اليوم الحقيقي فالمسيح كان ولا شك يُصلح الوهم الحاصل. ثم إن تقويم يوليوس قيصر الذي يرجع إلى ما فوق النصف قرن قبل الميلاد والتقويم اليهودي الأبعد عهداً كلاهما يؤكدان لنا سجلاً صادقاً عن توالي الأسابيع منذ أيام المسيح.

 

     نعم لقد طرأ بعض التغيير على التقويم الغريغوري سنة 1582 ولكنه لم يُحدث أقل تغيير في الدورة الأسبوعية كما أنه لا علاقة لأيام الأسبوع المتتالية بعدد أيام السنة في كل سنة كبيسة. ففي السنة المذكورة أعلاه أسقط عشرة أيام من التاريخ العالمي فحسب يوم الجمعة الواقع آنئذٍ في 5 تشرين الأول 15 تشرين الأول ولم تتأثر الدورة الأسبوعية بذلك.

 

     إن الفلكيين الذين يتمكنون من حساب الوقت بالتدقيق عدة مئات من السنين إلى الوراء، بفضل تتبعهم حركة الأجرام السماوية ومركزها يقرون هم كذلك بضبط التقاويم. يقول الفلكي الشهير الأستاذ شابلي من مرصد جامعة هارفرد إن معظم ما يمكن ضياعه في الألف سنة هو ثانية واحدة لا سواها فكيف يمكن إذن أن يتوهم الناس ضياع يومٍ كامل؟

 

     عمل القس وليم ميد سنة 1886 جدولاً بأيام الأسبوع يبين فيه ترتيب الأيام الأسبوعية متخذاً في هذا الجدول أسماء الأيام في مئة وستين لغة قديمة وحديثة فوجد أن اليوم السابع سمي بالسبت بمئة وثماني لغات من أصل المئة والستين لغة. فهل ترى أيها القارىء العزيز بعد هذه البراهين التاريخية والفلكية واللغوية من إعتراض على ضبط التقويم وصحة تتابع الأيام الأسبوعية بدورتها الأصلية كما نظمها الخالق؟

 

3. يقول البعض إن اليوم الأول من الأسبوع كان يدعى في الكتاب في اللغة اليونانية أول السبت.

     نعم ولكن الإثنين أيضاً سمي ثاني السبت والثلاثاء ثالث السبت... والجمعة سادس السبت هكذا سمي اليوم الأول أول السبت ولكن اليوم السابع سمي السبت. أما في اللغة العربية فتنطبق تسمية الأيام على هذه التسمية اليونانية التي نحن بصددها فالأحد والإثنين و...إلخ (ما عدا السبت المفسر بيوم الراحة) كلها تريك جلياً العدد الترتيبي لأيام الأسبوع.

 

4. أليست أيام الأسبوع كلها بموجب رسائل بولس الرسول متساوية؟

"اذ محا الصك الذي علينا في الفرائض الذي كان ضدا لنا وقد رفعه من الوسط مسمرا اياه بالصليب. اذ جرد الرياسات والسلاطين اشهرهم جهارا ظافرا بهم فيه فلا يحكم عليكم احد في اكل او شرب او من جهة عيد او هلال او سبت التي هي ظل الامور العتيدة اما الجسد فللمسيح" كولوسي 2: 14-17. "واحد يعتبر يوماً دون يومٍ وآخر يعتبر كل يومٍ. فليتيقن كل واحد في عقله" رومية 14: 5.

 

     إن الأعياد والسبوت السنوية الرمزية إنتهت على الصليب. أما أعياد الأمة التذكارية فلا بد أن تبقى ذكرى ما عمله الله للأمة اليهودية وهذه الأعياد لا يرى المسيحي من الأمم وجوباً لحفظها. وهذا الأمر قد جعل خلافاً في الكنيسة فاليهودي الذي قبل المسيح يعتبر حفظ الفصح واجباً مقدساً لأنه يشير إلى الخلاص العظيم الذي عمله الله لبني إسرائيل حينما أخرجهم من بيت العبودية. والأممي الذي قبل المسيح هو أيضاً بدوره يشعر بإبطال حفظ الفصح الذي كان يشير إلى المسيح حمل الله الذي يرفع خطايا العالم لأن بحفظه إنكار للمسيح. لذلك نرى أن بولس الرسول يطلق الحرية لليهودي حتى بحفظ الفصح، لأن بحفظه يكرم الله، كما وأنه يطلق الحرية للأممي حتى لا يحفظه لأن بعد حفظه هو أيضاً يكرم الله. ليكن كل واحدٍ مقتنعاً بعقله أنه عاملٌ في مثل هذه الأمور بما هو لائقٌ ويسلك بحسب ضميره.

 

     أما بولس الرسول فلم يقصد، بموجب القرينة، يوم السبت التذكاري لعمل الخليقة ولم يكن من خلاف قائم عندئذٍ على تقديس هذا اليوم الذي حفظه كل من اليهودي والأممي المتنصرين إكراماً وولاءً لخالق جميع البشر. هو الله قدس السبت إذ إستراح فيه وقدّسه وباركه مفرزاً إياه للعبادة بخلاف أيام الأسبوع الباقية.

 

     كل الأيام هي لله ولكنه أعطى الإنسان ستة أيام منها لأجل عمله، ويوماً واحداً أفرزه لنفسه هو اليوم السابع لا يرضى عنه بديلاً وهو يطلب من الإنسان الإعتراف بسلطته في هذا الأمر. "فأكملت السموات والارض وكل جندها. وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل. فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل. وبارك الله اليوم السابع وقدسه. لانه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقا" تكوين 2: 1-3. "اذكر يوم السبت لتقدسه. ستة ايام تعمل وتصنع جميع عملك. واما اليوم السابع ففيه سبت للرب الهك. لا تصنع عملا ما انت وابنك وابنتك وعبدك وامتك وبهيمتك ونزيلك الذي داخل ابوابك" خروج 20: 8-10.

 

     يوم الأحد هو يومٌ من ستة أيام العمل ولا يمكن أن يقبله الله عوضاً عن يومٍ عيّنه لنفسه. يقول البعض "وما يضير الإنسان لو حفظ  يوماً واحداً من سبعة، أياً كان ذلك اليوم" ولكن الله لا يقول هكذا بل هو يخصص اليوم السابع ويطلب منا أن نذكر السبت لنحفظه مقدساً. فهل في هذا إجحاف؟ ألسنا مسؤولين بالطاعة لوصاياه؟ يقول الله أذكر في الوصية الرابعة وكأن المسيحيين قد نسوا هذه الوصية. لا نستطيع أن نقدم لله يوماً عوضاً عن يومٍ أفرزه لعبادته. لا، ليس لنا أن نقترح التغيير، هو وحده يمكنه ذلك وكن سواه، وليس من سلطة مهما كانت قوية ومتماسكة تستطيع أن تغتصب حقاً هو له وحده جلّ جلاله. أما نحن فعلينا بالطاعة دون إرتياب.

 

     وهكذا ترى أيها الصديق أن الله يعلن اليوم السابع يوماً مفرزاً لعبادته وعندما تبتدىء أن تحفظ هذا اليوم ترى ولا شك إن الفرق شاسع بين حفظه وحفظ غيره من الأيام لأنك تفعل هذا بضميرٍ صالح. "وأعطيتهم أيضاً سبوتي لتكون علامة ً بيني وبينهم ليعلموا إني أنا الرب مقدسهم"  حزقيال 20: 12.

 

5. إنني أحفظ كل يومٍ مقدساً.

     هل تستطيع أن تقرن القول بالفعل؟ ألا عمل عندك؟ يسوع لم يحفظ كل يوم فقد كان يعمل بالنجارة ستة أيام الأسبوع لتأمين حاجاته الزمنية. فإن كان المخلص البار وآدم قبل السقوط يحفظان السبت للإنتعاش الروحي فكم بالحري يجب على أتباع الله أن يفرزوا السبت للعبادة وهذا اليوم هو ميعاد يقرره الله لنجتمع به معه نابذين كل الأمور العالمية وطارحينها خارجاً.

 

     كل من يخصص هذا اليوم لأفراحه أو أعماله فهو يسلب الخالق وقته المقدس ويدوس تحت قدميه علامة مقدسة لقوة المسيح الخالقة والمجددة. وأخيراً أذكر أنه لا يمكن حفظ كل يوم مقدساً لأن الله لم يقدس إلا يوماً واحداً.

 

6. إنني أحفظ الأحد تكريماً لقيامة المسيح.

     فإنما أنت تكرمه بحسب رأيك أما يسوع فلم يأمر تلاميذه ليحفظوا الأحد. لا يمكن أن يقبل الله كرامةً منك عندما ترفض وصيته وتعمل مستقلاً برأيك. أين هي الكرامة للمسيح عندما نحسب أنفسنا مساوين لله فنرفض ما يطلبه منا مقدمين له على زعمنا شيئاً أفضل. ليس الأحد يوم الرب. إن هذه العبارة "يوم الرب" وردت مرة واحدة في الكتاب المقدس "كنت في الروح في يوم الرب" رؤيا 1: 10 فأي يومٍ هو يوم الرب؟

 

     نجد الجواب في مرقس 2: 28 "إذاً إبن الإنسان هو رب السبت" وإشعياء 58: 13 "يوم قدسي". فإذا كان إبن الإنسان (المسيح) هو رب السبت فيوم الرب هو السبت لا الأحد. ثم إن المسيح قد أعطى فريضة المعمودية رمزاً وتكريماً لقيامته كما هو مبين في كولوسي 2: 12 "مدفونين معه في المعمودية التي فيها اقمتم ايضا معه بايمان عمل الله الذي اقامه من الاموات". والمسيحي الحقيقي هو من يقبل المعمودية تذكاراً للقيامة فلا يبدل يوم الله بالأحد الوثني مدّعياً إنه يكرم المخلص بقيامته.

 

7. كان يظهر المسيح دائماً لتلاميذه في أول الأسبوع بعد قيامته.

     هل هذا حقيقي؟ لنبحث بحثاً مدققاً في الأمر. ظهر لتلاميذه للمرة الأولى بعد موته في مساء القيامة أو ما نسميه الإثنين أي الأحد بعد الغروب "ولما كانت عشية ذلك اليوم وهو اول الاسبوع وكانت الابواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهود جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم سلام لكم" يوحنا 20: 19. وظهر للمرة الثانية بعد ثمانية أيام "وبعد ثمانية ايام كان تلاميذه ايضا داخلا وتوما معهم. فجاء يسوع والابواب مغلقة ووقف في الوسط وقال سلام لكم" يوحنا 20: 26 أي يوم الإثنين. إذا حسبنا ثمانية أيام من عشية الأحد أي مساء الإثنين نصل إلى يوم الإثنين التالي.

 

     وظهر لهم للمرة الثالثة وهم يصطادون "ثم جاء يسوع واخذ الخبز واعطاهم وكذلك السمك. هذه مرة ثالثة ظهر يسوع لتلاميذه بعد ما قام من الاموات" يوحنا 21: 13 و 14 فساعدهم وأعد لهم طعاماً سمكاً مشوياً وخبزاً. أما ذلك اليوم فلم يحدده البشير يوحنا. وإذا كان أحد يريد القول إنه قابلهم يوم الأحد فليس بذلك برهان على تقديسه إذ كان التلاميذ يصطادون في ذلك الوقت. لقد ظهر يسوع للمرة الأخيرة أمام التلاميذ بعد قيامته بأربعين يوماً وبالطبع ذلك اليوم لم يقع يوم أحد.

 

     نقرأ في أعمال الرسل الإصحاح العشرين والآيات العشر بعد الرابعة إن الكنيسة في ترواس إجتمعت في أول الأسبوع بسبب سفر بولس الرسول ورغبته أن يودع الإخوة قاصداً أسوس، وهكذا نرى بأن هذا الإجتماع تم تحت أحوالٍ خاصة وغير إعتيادية وليس ما يدل فيه على تقديس خصوصي لليوم الأول ولا تكريم ليوم القيامة.

 

8. لا يمكن أن تكون الأكثرية من المسيحيين بما فيهم اللاهوتيين المشاهير على ضلال مبين.

     أما الجواب على هذا الإفتراض فيقدمه الرسول بولس بقوله: "لان جهالة الله احكم من الناس. وضعف الله اقوى من الناس فانظروا دعوتكم ايها الاخوة ان ليس كثيرون حكماء حسب الجسد ليس كثيرون اقوياء ليس كثيرون شرفاء" 1كورنثوس 1: 25 و 26.

 

     والمسيح يقول: "ادخلوا من الباب الضيق. لانه واسع الباب ورحب الطريق الذي يؤدي الى الهلاك. وكثيرون هم الذين يدخلون منه. ما اضيق الباب وأكرب الطريق الذي يؤدي الى الحياة. وقليلون هم الذين يجدونه. احترزوا من الانبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة..  ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات. بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السموات" متى 7: 13-15 و 21.

 

     وحزقيال يقول "كهنتها خالفوا شريعتي ونجسوا اقداسي. لم يميزوا بين المقدس والمحلل ولم يعلموا الفرق بين النجس والطاهر وحجبوا عيونهم عن سبوتي فتدنست في وسطهم" حزقيال 22: 26.

 

     لا تخدر ضميرك باطلاً محتجاً بسواك ممن هم أكثر علماً وأوسع إطّلاعاً ولا بالأكثرية الساحقة فغلطات غيرك لا تبرر موقفك الخاطىء تجاه الله. ألم يختر الله أضعف الضعفاء ليحقر الأقوياء وأجهل الجهلاء ليعير حكماء هذا العالم؟ لا يطلب الله المعرفة الواسعة والعلم الكثير بل القلب الخشوع المنسحق. إن طريق السماء مفتوحة للجميع حكماء كانوا أم جهلاء.

 

     رفض العالم البشارة في أيام نوح فهلكوا جميعاً ما عدا ثمانية أشخاص فهل كانت الأكثرية على صواب؟ لم يدخل أرض الموعد من جيل بني إسرائيل الخارجين من مصر إلى كنعان سوى إثنين أما الجماهير فماتوا كلهم في البرية بسبب عصيانهم وعدم إيمانهم فهل كانت الأكثرية عندئذٍ على صواب؟

 

     أعداء المسيح الألداء (الكهنة والفريسيون) كانوا قادة الشعب حكمةً وديناً ولم يؤمنوا بالمسيح فهل كان ذلك برهاناً كافياً لنبذ تعاليمه؟ "اجاب الخدام لم يتكلم قط انسان هكذا مثل هذا الانسان. فاجابهم الفريسيون ألعلكم انتم ايضا قد ضللتم. ألعل احدا من الرؤساء او من الفريسيين آمن به" يوحنا 7: 46-48. رؤساء الديانة والشعب سمّروا المسيح على خشبة الصليب. أما كان الإنضمام بهذه الحالة إلى الأكثرية الساحقة ويلاً وبلاء؟

 

     واليوم مثل كل الأزمنة إنه لمن الخطر الداهم أن ينضم المرء إلى الرأي العام المغلوط فالطريق المؤدي إلى الحياة الأبدية ضيق و "قليلون هم الذين يجدونه".

 

تأمــــــلات روحيــــــــــــة

     هكذا قال: "قفوا على الطريق وانظروا واسألوا عن السبل القديمة أين هو الطريق الصالح وسيروا فيه" إرميا 6: 16. يلّح الله على شعبه في كل الكنائس ليرجعوا إلى السبل القديمة ولكن الأكثرية يقولون "لا نسير فيها".

 

     ياللبلاء ياللفاجعة! يدعو الله إلى الرجوع للأسس القديمة- الأسس الصخرية الأبدية ولكن الناس يفضلون أن يسيروا حيث يرون لهم طريقاً واسع المسالك ولو كانت آخرته الهلاك.

 

     يجد المسافر في الصحراء البعيدة المدى عواميد المعالم مشيرةً إلى الجهات المختلفة فلا يضل عن الطريق. إنما عدو كريه جاء ينقل هذه المعالم لكي يخطىء المسافرون الطريق. ألست ترى واجباً عليك أن تدل الناس على طريق الصواب فلا يضيعون في صحراء هذه الحياة؟

 

صـــــــلاة

     أيها الرب الإله إنني أشكرك لأجل معالم الحق المغروسة عواميدها في كلمتك الإلهية لتدلنا على طريق الحياة الأبدية والمدينة السماوية. أشتاق يا رب أن أتبع "السبل القديمة" السبل التي سار عليها الآباء والأنبياء والقديسون والرسل. أشتاق أن أمشي في خطوات السيد يسوع المسيح مهما ضاق بي الطريق وكانت حجارته خشنة وكثيرة. يا رب ألتمس منك أن تقودني بيمينك لكي أبلغ المسكن المنتصب من أجلي في نهاية هذه السبل المستقيمة بإسم إبن محبتك يسوع آمين.