الدرس الحادي والثلاثون: الانضمام الى الكنيسة الحقيقية

   "بل قد أتيتم الى جبل صهيون والى مدينة الله الحي اورشليم السماوية والى ربوات هم محفل ملائكة وكنيسة ابكار مكتوبين في السموات والى الله ديان الجميع والى ارواح ابرار مكمّلين" عبرانيين 12: 22 و 23a

 

يريد كل منا الانضمام إلى كنيسة الله الحقيقية. ولكننا نواجه أمراً محيراً في هذا الصدد. فهناك في العالم اليوم عشرات إن لم يكن مئات من الكنائس (الطوائف). وكل واحدة منها تزعم بأنها كنيسة الله الحقيقية، وإن الانضمام إليها دون سواها شرط للخلاص والفوز بالحياة الأبدية. ولكل منها قانون إيمانها الذي يفسر عقائدها وطقوسها. وأمام هذا الواقع نتسائل: هل المطلوب من الانسان المخلص أن يدرس قوانين إيمان كنائس العالم أجمع ليحدد كنيسة الله الحقيقية كي ينضّم إليها؟ وإذا كان الامر كذلك فمن أين يتوفر للانسان العادي الوقت أو العمر (ولا نقول الامكانيات المادية) لدراسة قوانين ايمان الكنائس المختلفة؟ فحتى لو توفرت الامكانيات المادية والدراسية، فمهمة دراسة واستيعاب قوانين ايمان كنائس العالم ستستغرق مئات السنين من الباحث المتفرغ. وهو أمر مستحيل، ولأنه مستحيل فالاستنتاج المنطقي هو أن التعرف على كنيسة الله الحقيقية لن يتأتى عن طريق دراسة قوانين ايمان العالم المختلفة. لا بد أن تكون هناك وسيلة أخرى أيسر قد اتاحها إلهنا المحب كلي الحكمة والرحمة للتعرف على كنيسته الحقيقية.

 

1. ما هي الكنيسة بحسب تعريف الكتاب المقدس؟

"ولكن ان كنت ابطىء فلكي تعلم كيف يجب ان تتصرف في بيت الله الذي هو كنيسة الله الحي عمود الحق وقاعدته" 1تيموثاوس 3: 15.

 

            إن أفضل نقطة ننطلق منها، ونحن في سبيل تحديد وسيلة التعرف على كنيسة الله الحقيقية، هي تعريف الله للكنيسة في كتابه المقدس. إذن الكنيسة هي عمود الحق وقاعدته. أي لا يمكن للحق أن ينفصل عن كنيسة الله الحقيقية ولا أن تنفصل كنيسته عن الحق. فإن وُجدت كنيسة الله الحقيقية فستجد الحق، ومتى وجدت الحق ستجد كنيسة الله.

 

2. ما هو الحق؟

"شريعتك... ووصاياك حق" مزمور 119: 142 و 151.

 

     سأل بيلاطس قديماً يسوع سؤاله الشهير: "ما هو الحق؟" (يوحنا 18: 38)، ولكنه لم ينتظر الاجابة، لأنه لم يكن جاداً في معرفة الحق. في كتاب الله المقدس نجد تعريف الحق، فوصايا الله وشريعته تمثل لنا الحق الالهي. والكنيسة هي عمود الحق وقاعدته. أي أن كنيسة الله الحقيقية مؤسسة ومثبتة على وصايا الله وشرائعه. لقد كانت صلاة الرب يسوع المسيح الحارة لأبيه السماوي من اجل تلاميذه أن يثبتوا في حقه، لقد صلى يسوع "قدّسهم في حقك. كلامك هو حق" يوحنا 17: 17. فالقداسة لا تحصل لأتباع المسيح بعيداً عن الحق (وصايا وشرائع الله). ولأن الرب يسوع في صلاته كان يرى بعينه الالهية أنه سيأتي وقت يحاول فيه الناس فصل الحق عن وصايا الله، أضاف لنا التأكيد الواضح بأن كلام الله هو "الحق". وما هو الكلام الذي تكلم به الله في مسمع البشر غير وصاياه العشر؟ الكلمات الوحيدة التي نطق بها الله في مسمع البشر كانت وصاياه العشر. كل شيء آخر في الكتاب المقدس كُتب لنا بإلهام الروح القدس لعبيده الأنبياء. أما الوصايا العشر، فلأنها دستور السماء وتمثل الحق الإلهي، فقد نطق بها الله وبصوته في محضر البشر "من السماء أسمعك صوته لينذرك. وعلى الأرض أراك ناره العظيمة وسمعت كلامه من وسط النار" تثنية 4: 36. "فكتب على اللوحين كلمات العهد الكلمات العشر" خروج 34: 28. "واخبركم بعهده الذي امركم ان تعملوا به الكلمات العشر وكتبه على لوحي حجر" تثنية 4: 13.

 

     فالكلمات العشر (الوصايا) التي نطق بها الله بصوته الرهيب لم يأتمن نبيه العظيم موسى على كتابتها على لوحي الحجر. فالوصايا العشر هي الحق الالهي، وليس أحد غير الله كان مخولاً بكتابتها كما نُطق بها. فدستور السماء (الوصايا العشر- الحق الالهي) لا يمكن إئتمان إنسان ما- مهما علا شأنه وسمت مكانته- على تدوينه على لوحي حجر، لئلا يسقط حرف واحد أو نقطة واحدة في أثناء عملية الكتابة، لذا اراد الله أن يتصدى بنفسه وبإصبعه لكتابته على لوحي الحجر. وعندما القى موسى بلوحي الحجر على العجل الذهبي الذي بناه هارون مع شعب اسرائيل، لم ياتمن الله موسى على إعادة كتابة الوصايا من جديد على لوحين جديدين. "في ذلك الوقت قال لي الرب انحت لك لوحين من حجر مثل الاولين واصعد اليّ الى الجبل واصنع لك تابوتا من خشب. فاكتب (أنا الله) على اللوحين الكلمات التي كانت على اللوحين الاولين اللذين كسرتهما وتضعهما في التابوت. فصنعت تابوتا من خشب السنط ونحتّ لوحين من حجر مثل الاولين وصعدت الى الجبل واللوحان في يدي. فكتب على اللوحين مثل الكتابة الاولى الكلمات العشر التي كلمكم بها الرب في الجبل من وسط النار في يوم الاجتماع واعطاني الرب اياها" تثنية 10: 1- 4

 

3. كنيسة الله الحقيقية تقدس كلام الله (وصاياه).

     اتضح مما سبق أن كنيسة الله الحقيقية، التي هي عمود الحق وقاعدته، تقدس وتكرم وتحفظ حق الله (وصاياه). والكنيسة التي هي عروس الرب. في اكرامها وحفظها لوصايا الله، إنما تسلك في نفس خطى سيدها ومخلصها الرب يسوع المسيح. لقد قال الرب يسوع: "حينئذ قلت هانذا جئت. بدرج الكتاب مكتوب عني ان افعل مشيئتك يا الهي سررت. وشريعتك في وسط احشائي" مزمور 40: 7 و 8. أيضاً "الرب قد سرّ من اجل بره. يعظّم الشريعة ويكرمها" اشعياء 42: 21. وفي مناسبة اخرى أكد يسوع "أنا قد حفظتُ وصايا ابي واثبتُ في محبته" يوحنا 15: 10. والرسول بطرس يدعونا أن نتبع خطوات يسوع: "لأنكم لهذا دُعيتم. فإن المسيح أيضاً تألم لأجلنا تاركاً لنا مثالاً لكي تتبعوا خطواته" 1بطرس 2: 21. وقد حدد الرب يسوع الوسيلة التي بها يعبرون عن حبهم وولائهم له، قال "إن كنتم تحبونني فإحفظوا وصاياي"  يوحنا 14: 15. لم يترك لنا الله سبيلاً آخر للتعبير عن محبتنا له بخلاف طاعته. والرسول بطرس أعلن أن روح الله القدوس يُعطى فقط للذين يطيعون الله. ".. والروح القدس أيضاً الذي أعطاه الله للذين يطيعونه" أعمال 5: 32. والخلاص من عقوبة الخطية الذي دبّره الرب يسوع بموته الكفاري عنا على الصليب يُمنح فقط للذين يطيعونه. "وإذ كُمل صار لجميع الذين يطيعونه سبب خلاص أبدي" عبرانيين 5: 9.

 

      كما أن كنيسة الله الحقيقية تقدس وصايا الله العشر لأن الكلمات التي تخرج من فمه لا تتغير وثابتة لأنه "هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد" عبرانيين 13: 8. وفي ملاخي 3: 6 يقول الله "أنا الرب لا أتغير..". وفي مزمور 89: 34 يؤكد الله أزلية الكلام (الوصايا) الذي يخرج من فمه عندما قال: "لا أُنقض عهدي ولا أُغير ما خرج من شفتيََّّ". وقد اكد الرب يسوع هذه الحقيقة (أزلية وصاياه) عندما قال: "ولكن زوال السماء والأرض أيسر من أن تسقط نقطة واحدة من الناموس" لوقا 16: 17. وفي الموعظة على الجبل وجّه الرب يسوع الكلام التالي لأتباعه المؤمنين (كنيسته الحقيقية): "لا تظنوا اني جئت لانقض الناموس او الانبياء. ما جئت لانقض بل لاكمّل. فاني الحق اقول لكم الى ان تزول السماء والارض لا يزول حرف واحد او نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل. فمن نقض احدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يدعى اصغر في ملكوت السموات. واما من عمل وعلّم فهذا يدعى عظيما في ملكوت السموات" متى 5: 17- 19.

 

4. أين كنائس العالم اليوم من حفظ وصايا الله؟

     قد يَّسّرَلنا الرب مهمة البحث عن كنيسته الحقيقية بأن حدد لأبنائه المؤمنين على مر العصور ماهية كنيسته الحقيقية. فأي كنيسة تّدعي انها كنيسة الله الحقيقية وتدعو الناس للإنضمام لها ينبغي ان تكون حافظة لوصايا الله العشر، تماماً كما فعل رب الكنيسة عند تجسده وكذلك الأنبياء الأمناء على مر العصور. اي كنيسة مسيحية تّدعي السلطان على تغيير وصايا الله العشر (مهما كانت حيثيات ودوافع الدعوة لمثل هذا التغيير) فهي ليست بكنيسته الحقيقية حتى وإن صدّق الناس في العالم بأسره إدّعاء مثل هذه الكنيسة. فالعبرة في تحديد كنيسة الله الحقيقية ليس بإعتراف الناس أو السلطات بها، وإنما بقبولها من الله والرب يسوع المسيح. فإذا كان الرب يسوع المسيح وهو "الكل في الكل" الذي هو "قبل كل شيء وفيه يقوم الكل"  وقد جعله الله "وارثاً لكل شيء". لم يسمح لنفسه أن يعدل أو يغير نقطة واحدة أو حرفاً من الحق الإلهي (وصايا الله العشر) فكيف تجرؤ كنيسة ما على مثل هذا العمل وتّدعي في نفس الوقت إنتسابها له؟

 

     أخي القارىء العزيز: إذا إلتزمنا في سعينا لإيجاد كنيسة الله الحقيقية بمبدأ الغربلة السماوي الذي أرساه الله في كتابه المقدس، وبإستخدام قاعدة الإستبعاد فسنجد أن جملة كنائس العالم اليوم قاصرة عن أن تكون كنيسة الله الحقيقية. فكنائس اليوم كلها تقريباً قد اجمعت على كسر ناموس الله علانية متحديةً بذلك الله. وهذا ما سنوضحه في الفقرة التالية:

 

5. لما لا تصلح كنيسة واحدة من كنائس العالم اليوم أن تكون كنيسة الله الحقيقية؟

     لأن جميع كنائس العالم المسيحي- تقريباً- قد أجمعت على كسر الوصية الرابعة من الحق الإلهي (وصايا الله العشر) وإبدالها بوصية جديدة من صنع البشر. فكنائس اليوم تحفظ يوم الأحد بدلاً من يوم السبت الذي قدّسه وباركه الله منذ بدء الخليقة. وهم بهذا التغيير قد ابتعدوا عن الحق ولم تعد هذه الكنائس "عمود الحق وقاعدته".

 

     كما أن بعض الكنائس الكبرى قد الغت الوصية الثانية واحلّت لأعضائها عبادة الصور والتماثيل، مخالفةً بذلك النص  الصريح للوصية الثانية. ومن الكنائس المسيحية من يخلط بين ناموس الله الأزلي (الوصايا العشر) والناموس الطقسي الذي انتهى دوره عندما صُلب المسيح. ويدّعون بأنه بما أن الناموس الطقسي قد أُلغي على الصليب فقد أُلغي معه أيضاً ناموس الله الأزلي (الوصايا العشر). ما هذه إلا أمثلة قليلة توضح لك عزيزي القارىء لماذا لم تعد هناك كنيسة واحدة أو طائفة ينطبق عليها لقب كنيسة الله الحقيقية.

 

 

 

6. أين نجد إذن كنيسة الله الحقيقية؟

     يخبرنا الرب يسوع المسيح بأنه هناك "رعية واحدة (كنيسة واحدة) وراعٍ واحد" يوحنا 10: 16. والمؤمنون المخلصون الذين يطيعون الله- مهما كان الثمن وحجم الصليب الذي يجب حمله- هم أعضاء في كنيسة الله الحقيقية. يخبرنا الله بأن كنيسته- اي رعيته- ليست طائفة إنما جماعة المؤمنين أينما وجدوا الذين يبنون ويؤسسون حياتهم على عمود الحق وقاعدته. "وانتم يا غنمي غنم مرعاي اناس انتم. انا الهكم يقول السيد الرب" حزقيال 34: 31. فكنيسة الله الحقيقية مكونة من أناس أمناء يفضلون الموت على أن يحيدوا عن وصايا الله.

 

7. كيف ننتسب إلى كنيسة الله الحقيقية؟

      بما أن الله وحده يعرف قلوب بني البشر "فاسمع انت من السماء مكان سكناك واغفر واعط كل انسان حسب كل طرقه كما تعرف قلبه لانك انت وحدك تعرف قلوب بني البشر" 2أخبار 6: 30. فأعضاء كنيسته الحقيقية معروفون منه فقط. ولا يوجد أي اجراء ظاهري يقوم به الإنسان للإنتساب إلى كنيسة الله الحقيقية. سجلات كنيسة الله الحقيقية محفوظة في السماء. "بل قد أتيتم الى جبل صهيون والى مدينة الله الحي اورشليم السماوية والى ربوات هم محفل ملائكة وكنيسة ابكار مكتوبين في السموات والى الله ديان الجميع والى ارواح ابرار مكمّلين" عبرانيين 12: 22 و 23.

 

8. كيف وصف الرب يسوع كنيسته؟

     وصفها بالقطيع الصغير، "لا تخف ايها القطيع الصغير لان اباكم قد سرّ ان يعطيكم الملكوت" لوقا 12: 32. فكنيسة الله الحقيقية التي أعضاؤها معروفون فقط من الله فاحص القلوب صغيرة العدد بالمقارنة مع الكنائس والطوائف الكبرى والمعترف بها من الناس، ولكنها مجهولة من الله لأنها لم تعد "عمود الحق وقاعدته" فإصرار الكنائس على كسر ناموس الله، ولو في وصية واحدة (مثل الوصية الرابعة)، جعلها ترتد عن الحق وتفقد اعتراف الله بها. وهو الإعتراف الوحيد الذي يهم. فما فائدة كنيسة كبيرة وعريقة إذا كان رب السماء يمقت صفاتها ولا يسمع صلواتها؟ "من يحول أذنه عن سماع الشريعة، فصلاته أيضاً مكرهة" أمثال 28: 9.

 

9. هل كسري لوصية واحدة من وصايا الله العشر يجعلني مجرماً في نظر الله وبالتالي ليس عضواً في كنيسته الحقيقية؟

     نعم بكل تأكيد، يقول الكتاب في يعقوب 2: 10 "لأن من حفظ كل الناموس وإنما عثر في واحدة فقد صار مجرماً في الكل" لقد وهب لنا الله نعمته الإلهية لننتصر بها على الخطية ولا عذر لنا إذا لم نستخدم أسلحته الروحية. المولود من الله والثابت والمستتر في المسيح لن يخطىء وأبواب الجحيم لن تقوى عليه. والكتاب يؤكد أن "من يفعل الخطية فهو من ابليس.." 1يوحنا 3: 8. والرب يسوع حذّر "إن كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية" 1يوحنا 8: 34. وإذا كان الإنسان عبداً للخطية فهو عبد لإبليس أصل الخطية، وبالتالي فليس له مكان في كنيسة الله الحقيقية. "ألستم تعلمون ان الذي تقدمون ذواتكم له عبيدا للطاعة انتم عبيد للذي تطيعونه اما للخطية للموت او للطاعة للبر" رومية 6: 16.

 

10. بعد اكتشافي أن كنيستي التي أنتمي إليها ليست كنيسة الله الحقيقية فماذا افعل حتى أنضم إلى الكنيسة الحقيقية؟

يدعونا الكتاب إلى أن نخرج من الظلمة لكي نتبع الرب يسوع، لأنه حيث توجد الظلمة فهناك يكون الإثم والخطية والعبودية للشيطان. لقد قال يسوع "انا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة" يوحنا 8: 12. عليك أن تترك كنائس العالم المرتدة لأنها لم تعد عمود الحق وقاعدته وتنضم لكنيسة الله الحقيقية بإتباعك يسوع- نور العالم وراعينا الأوحد. يقول الكتاب "لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين. لانه اية خلطة للبر والاثم. واية شركة للنور مع الظلمة. واي اتفاق للمسيح مع بليعال. واي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن. واية موافقة لهيكل الله مع الاوثان. فانكم انتم هيكل الله الحي كما قال الله اني سأسكن فيهم واسير بينهم واكون لهم الها وهم يكونون لي شعبا. لذلك اخرجوا من وسطهم واعتزلوا يقول الرب ولا تمسوا نجسا فاقبلكم واكون لكم ابا وانتم تكونون لي بنين وبنات يقول الرب القادر على كل شيء" 2كورنثوس 6: 14- 18.

 

11. ألا يمكن أن أكون عضواً في كنيسة الله الحقيقية بسبب طاعتي لوصايا الله مع بقائي منتسباً لكنيستي التي نشأتُ فيها رغم اقتناعي بأنها لم تعد عمود الحق وقاعدته؟

     كيف يمكنك عزيزي القارىء أن توفق بين النور والظلمة، أو أن تجمع بين هيكل الله وهيكل الأوثان؟ يريد الله منا أن ننفصل جسدياً وروحياً وعقلياً عن كل ما يربطنا بالخطية والشيطان. يسمي الكتاب المقدس الكنائس المرتدة "بابل" نسبة إلى البلبلة التي تسببها من جراء ابتعادها عن الحق. وقريباً جداً سيقوم الله بمعاقبة "بابل" بوابلٍ من الضربات كما هو مذكور في سفر الرؤيا. والرب يسوع لا يريد لأيٍ من اتباعه المخلصين أن يبقوا في "بابل" حتى لا يأخذوا من ضرباتها، لذا فهو يدعوهم للخروج من هذه الكنائس التي ستقع عليها ضربات الله. فالله يأمر شعبه المحب للحق والموجود حالياً في "بابل" (الكنائس الساقطة المبتعدة عن الحق) قائلاً: "أخرجوا منها يا شعبي لئلا تشتركوا في خطاياها ولئلا تأخذوا من ضرباتها لأن خطاياها لحقت السماء وتذكر الله آثامها" رؤيا 18: 4 و 5.

 

12. إذا خرجتُ من كنيستي المرتدة فأين أذهب لعبادة الله مع اخوتي المؤمنين؟

هذا الأمر واجه المؤمنين في زمن الرسل قديماً. فعندما استجابوا لدعوة الخلاص المقدمة لهم من الرسل، تركوا هياكلهم الوثنية وكذلك الكنيسة اليهودية المرتدة، وبدأوا يجتمعون في منازلهم لعبادة الله. هكذا نمت المسيحية في منازل المؤمنين. وكانت هذه الكنائس في نظر الله جزءاً من كنيسته الحقيقية وإن كانت مجهولة وكأنها غير موجودة بالنسبة إلى غير المؤمنين أو السلطات. فنقرأ اعتراف الله بالكنيسة التي "في بيت أكيلا وبريسكلا" 1كورنثوس 16: 19. وكذلك الكنيسة التي كانت "في بيت نمفاس" كولوسي 4: 15. أيضاً الكنيسة التي "كانت في بيت فيلمون". فالرب يدعوك أخي  أن تجعل في بيتك كنيسة له لتجتمع مع اخوة مؤمنين مثلك وتكون بذلك جزءاً من كنيسة الله الحقيقية، الطاهرة والكاملة والمنتشرة في انحاء المعمورة. فقد قال الرب يسوع: "لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم" متى 18: 20. حيثما يكون المسيح فهناك تكون كنيسته، فما يجعل المكان كنيسة الله الحي هو حضور الرب يسوع بواسطة روحه القدوس. وبدون حضوره لا يمكن لأي مكان أن يدعى كنيسته الحقيقية مهما كان حجم الحضور واهمية الحاضرين وروعة المبنى وتاريخه. ففي بيتك المتواضع وبين اخوتك المؤمنين وحافظي وصايا الرب تستطيع أن تنعم بحضور روحه القدوس في وسطكم ويتحول المنزل إلى جزء من كنيسة الله الحقيقية.     

 

13. هل يمكن أن تقام فريضة العشاء الرباني وغسل الارجل وكذلك المعمودية في الكنائس المنزلية التي يقبلها الرب ويعترف بها؟

     نعم وبكل تأكيد. أي انسان في الكنيسة طالما كان اميناً لله بمقدوره أن يجري فريضة العشاء الرباني. فهذه الفريضة قد سنّها الرب يسوع لتحل محل فريضة الفصح التي كانت تُذكر بني اسرائيل بتحررهم العجيب من عبودية مصر. وقد أوصى الرب يسوع تلاميذه بفريضة العشاء الرباني ليتذكروا موته الكفاري من أجلهم، وأنه سيعود مرة ثانية ليحضرهم إليه في مجيئه الثاني. "فانكم كلما اكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكاس تخبرون بموت الرب الى ان يجيء" 1كورنثوس 11: 26.

 

      وبخلاف ما كان عليه الوضع في العهد القديم، ففي العهد الجديد بعد تجسد وموت وصعود الرب يسوع إلى السماء صار بمقدور المؤمنين أن يتقدموا إلى الله مباشرة وبدون وساطة الكهنة بفضل العمل الشفاعي الذي يقوم به الرب يسوع في حضرة الآب نيابة عن الجنس البشري. فشفيعنا، ورئيس كهنتنا "هو حي في كل حين ليشفع فيهم" عبرانيين 7: 25. ويؤكد لنا الرسول بولس أن يوجد "وسيط واحد بين الله والناس الانسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه فديةً لأجل الجميع" 1تيموثاوس 2: 5 و 6. فبفضل الشفاعة التي يقوم بها الرب يسوع المسيح من أجلنا أمام الله أصبحنا جميعاً كهنة، وبالتالي يحق لنا أن نأتي إلى الله مباشرة دون الحاجة إلى كهنوت بشري. "واما انتم فجنس مختار وكهنوت ملوكي امة مقدسة شعب اقتناء لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة الى نوره العجيب" 1بطرس 2: 9. بنفس هذا المعنى، نقرأ أيضاً ما قاله يوحنا الحبيب: "ومن يسوع المسيح الشاهد الامين البكر من الاموات ورئيس ملوك الارض. الذي احبنا وقد غسلنا من خطايانا بدمه وجعلنا ملوكا وكهنة للّه ابيه له المجد والسلطان الى ابد الآبدين. آمين" رؤيا 1: 5 و 6. فعمل يسوع الشفاعي من أجلنا في السماء حولّنا جميعاً إلى اخوة وكهنة، لا يمتاز واحد منا على الآخر إلا بقدر اتضاعه وحبه لخدمة الآخرين. ففريضة العشاء الرباني يمكن أن يقوم به أحد الإخوة في الكنيسة (الكنيسة المنزلية). ممن تكون حياته انعكاساً لعمل نعمة الله المغير في القلوب. وكذلك الحال مع فريضة المعمودية. يقول الرب: "من آمن واعتمد خلُص" مرقس 16: 16. فكل من درس الحق وقبله واراد أن يعتمد، فيمكن لأحد الاخوة الأمناء أن يجري له فريضة المعمودية، اتماماً لأمر المسيح- وبالتغطيس- في أي مكان مناسب.

 

في سكون الشركة الإلهية

يقول الرب: "خرافي تسمع صوتي وانا اعرفها فتتبعني. وانا اعطيها حياة ابدية ولن تهلك الى الابد ولا يخطفها احد من يدي" يوحنا 10: 27 و 28. هل تلبي عزيزي القارىء نداء الرب بالخروج من كنائس العالم المرتدة وتنضم إلى كنيسته الحقيقية؟ هل تريد أن تُظهر محبتك للرب يسوع تجاوباً مع ما فعله من اجلك على الصليب وتتبعه وحده دون سواه؟ هل ترتضي بأن تبعد نفسك عن الكنائس المرتدة التي بابتعادها عن الحق الإلهي (وصايا الله) لم تُعد هياكل الله وانما أصبحت هياكل وثنية؟ الرب يدعوك لكي تستجيب لصوته. هو واقف على الباب ويقرع. ألا تفتح له باب قلبك؟ "هأنذا واقف على الباب واقرع. ان سمع احد صوتي وفتح الباب ادخل اليه واتعشى معه وهو معي" رؤيا 3: 20.

 

قال يسوع: "إن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً" يوحنا 14: 23. هل تقبل دعوته وتجعل من بيتك كنيسة يشرفها الله بحضوره وببركته؟ هذه هي دعوته لنا جميعاً اليوم. "والقادر ان يحفظكم غير عاثرين ويوقفكم امام مجده بلا عيب في الابتهاج الاله الحكيم الوحيد مخلّصنا له المجد والعظمة والقدرة والسلطان الآن والى كل الدهور. آمين" يهوذا 24 و 25.

 

صلاة

     أبانا السماوي أعطني الشجاعة الكاملة لأتخذ قراراً جريئاً لأنضم إلى كنيستك الحقيقية في هذه الأيام الاخيرة من هذا العالم الذي يعيش أيامه الأخيرة فلا تدعني أفقد فرصة الشركة مع الاخوة المؤمنين لنتحد مع الرب يسوع في كنيسته الحقيقية ومتحدين مع الكنيسة التي في السماء باسم يسوع آمين.