الدرس الاول: أذكر يوم السبت

جزء واحد فقط من الكتاب المقدس هو الذي كُتب بأصبع الله: الوصايا العشر "واللوحان هما صنعة الله والكتابة كتابة الله منقوشة على اللوحين... لوحي الشهادة لوحي حجر مكتوبين باصبع الله" خروج 32: 16 و 18. وفي صميم وصايا الله العشر كُتبت هذه الكلمات: "اذكر يوم السبت لتقدسه. ستة ايام تعمل وتصنع جميع عملك. واما اليوم السابع ففيه سبت للرب الهك. لا تصنع عملا ما انت وابنك وابنتك وعبدك وامتك وبهيمتك ونزيلك الذي داخل ابوابك. لان في ستة ايام صنع الرب السماء والارض والبحر وكل ما فيها. واستراح في اليوم السابع. لذلك بارك الرب يوم السبت وقدّسه" خروج 20: 8- 11.

 

    جديرٌ بالملاحظة أن هذه الوصية لا تأمرنا أن نتعبد (يوماً واحداً كل اسبوع)، بل أن نعبد الله في اليوم السابع من كل اسبوع. لا يوجد، بالطبع، أي اختلاف اصطلاحي بين يوم من أيام الاسبوع وآخر فهي جميعاً تتكون من 24 ساعة. إلا أن الله قال بأننا يجب أن نحفظ يوماً محدداً. هذه الوصية، مثل شجرة الحياة التي تقابلها شجرة معرفة الخير والشر في جنة عدن، هي اختبار بسيط لولائنا لله. من بداية سفر الرؤيا وحتى نهايته يميز الله شعبه، في العالم بأنهم من يحفظون الوصايا: "هنا الذين يحفظون وصايا الله وايمان يسوع" رؤيا 14: 12.

 

    قد اُغفلت وصية السبت من الأغلبية أثناء العصور الوسطى عندما كان الكتاب المقدس ممنوعاً من التداول. أثناء القرون الأولى بعد موت المسيح، بدأ المسيحيون الأوائل يتساهلون أكثر فأكثر مع الممارسات الوثنية من حولهم. وكانت إحدى هذه الممارسات التي فصلت الوثنيين عن المسيحيين أنهم كانوا يتعبدون للشمس يوم الأحد، في حين أن المسيحيين كانوا يعبدون يسوع في اليوم السابع الذي ندعوه الآن السبت. وبمرور الزمن، بدأ المسيحيون يتعبدون في يوم الأحد أيضاً بشكل تدريجي، حتى صار اليومان مقدسين (يومي عطلة).

 

    أخيراً، في مجمع لاودكية، سنة 364م، غيّر قادة الهيئة الرئيسية للكنيسة المسيحية الأولى حفظ السبت بشكل رسمي من اليوم السابع إلى اليوم الأول من الأسبوع. قد انبأ الكتاب المقدس بهذا الارتداد قبل تسربه إلى الكنيسة المسيحية. في دانيال 7: 25 تنبأ الكتاب المقدس عن السلطة التي (تظن أن تغير الأوقات والسّنّة).

 

 

    "ويتكلم بكلام ضد العلي ويبلي قديسي العلي ويظن انه يغيّر الاوقات والسّنّة ويسلمون ليده الى زمان وازمنة ونصف زمان" دانيال 7: 25. نلاحظ من النص السابق أن هذا التغيير للسبت كان متوقعاً أن يكون تغييراً متعمداً. تكلم بولس ايضاً عن هذه النية لتغيير شريعة الله بأن هذا السلطان الآثم، الذي أنبأ به دانيال، الذي يتصرف وكأنه جالس على عرش الله، ويغير قانون الله، لم يكن قد قام بعد. قال: "لا يخدعنكم احد على طريقة ما. لانه لا يأتي ان لم يأتِ الارتداد اولاً ويستعلن انسان الخطية ابن الهلاك المقاوم والمرتفع على كل ما يدعى الهاً او معبوداً حتى انه يجلس في هيكل الله كاله مظهرا نفسه انه اله. أما تذكرون اني وانا بعد عندكم كنت اقول لكم هذا. والآن تعلمون ما يحجز حتى يستعلن في وقته. لان سرّ الاثم الآن يعمل فقط الى ان يرفع من الوسط الذي يحجز الآن وحينئذ سيستعلن الاثيم الذي الرب يبيده بنفخة فمه ويبطله بظهور مجيئه" تسالونيكي الثانة 2: 3-8.

 

     قد سأل العديد من الناس: (ما هو الفرق بين يوم وآخر؟). هذا هو بيت القصيد. نظراً لعدم وجود اختلاف بين أيام الاسبوع، فيما عدا أن الله أمر بحفظ يوم محدد مقدساً، فإن السبب الوحيد لتغيير يوم العبادة من اليوم الذي امر به الله إلى يوم آخر لم يأمرنا بحفظه، لابد وأنه يرجع إلى التمرد المتعمد على الله. فلو أن الله قال أن نحفظ الأحد، لكان الناس يقررون حفظ الاثنين. ولو قال بحفظ الاثنين لقرر الناس –بدافع التمرد- حفظ الثلاثاء. وبمجرد أن يغير بعض الناس اليوم، سيسعون إلى إجبار كل الناس الآخرين على إتباعهم، ويصدّون الناس عن اتباع شريعة الله. إن السؤال الحقيقي الخاص بالسبت هو: هل نطيع الله أم تقاليد الناس التي قد تأسست أصلاً بدافع التمرد على الله؟ قال يسوع: "لماذا تتعدون وصية الله بسبب تقليدكم" متى 15: 3.

     يؤمن الكثيرون أن من أسباب تحريم الكتاب المقدس أثناء العصور الوسطى هو الحيلولة دون فهم الناس للحق الكتابي الخاص بالسبت. لكن الكتاب المقدس يوجد اليوم في كل مكان ونتيجة لذلك، فإن العديد من الناس يتعرفون على حقيقة السبت. الذي هو علامة الولاء لله. تنبأ الكتاب المقدس بأن السبت سيعود فيتبوأ مكانته في الأيام الأخيرة. لن يُقبل الجميع عليه، لكن سيكون هناك عدد قليل من الناس الذين سيصممون على إتباع الله بالكامل بحفظ وصاياه. هؤلاء الناس سيدعون: "..مرمم الثغرة مرجع المسالك للسكنى ان رددت عن السبت رجلك عن عمل مسرتك يوم قدسي ودعوت السبت لذة ومقدس الرب مكرما واكرمته عن عمل طرقك وعن ايجاد مسرتك والتكلم بكلامك فانك حينئذ تتلذذ بالرب واركبك على مرتفعات الارض واطعمك ميراث يعقوب ابيك لان فم الرب تكلم" اشعياء 58: 12-14.

عدد متزايد من الناس، في جميع أنحاء العالم، يدرك أهمية حفظ يوم السبت، سابع أيام الأسبوع، ويجد البركة والسلام النابعين من طاعة الله. قد أعلن الله بركة خاصة على هذا اليوم، وعلى كل الذين يسعون إلى حفظه مقدساً.

    إلا أن حفظ السبت لا يتعلق أبداً بربح الخلاص. الخلاص هو عطية مجانية من يسوع المسيح اشتراها لنا بموته. لا شيء يمكن أن نعمله لندفع جزاء الخطية أو نكسب أحقية دخول السماء. غير أن الخلاص مقدم فقط لأولئك الذين يرغبون أن يطيعوا "مع كونه ابنا تعلّم الطاعة مما تألم به واذ كمّل صار لجميع الذين يطيعونه سبب خلاص ابدي" عبرانيين 5: 8 و 9. قال يسوع: "إن كنتم تحبونني فإحفظوا وصاياي" يوحنا 14: 15. عندما نعرف يسوع حقاً، نصبح مثله في الصفات والعمل. "وبهذا نعرف اننا قد عرفناه ان حفظنا وصاياه. من قال قد عرفته وهو لا يحفظ وصاياه فهو كاذب وليس الحق فيه. واما من حفظ كلمته فحقاً في هذا قد تكملت محبة الله. بهذا نعرف اننا فيه. من قال انه ثابت فيه ينبغي انه كما سلك ذاك هكذا يسلك هو ايضاً" 1يوحنا 2: 3-6.

 

    السبت هو أقدم سُنة دينية عرفها الانسان، تأسس عند خلق هذا العالم، قبل ارتكاب الخطيئة الأولى، أو ظهور اي احتياج إلى ذبيحة حيوانية أو للخلاص من الخطيئة. "فأكملت السموات والارض وكل جندها. وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل. فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل. وبارك الله اليوم السابع وقدسه. لانه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقاً" تكوين 2: 1-3.

 

        إن السبت لم يُحفظ فقط عند الخلق قبل الخطيئة، لكن سيحفظه المفديون في السماء، بعد إبطال الخطيئة: "لأنه كما ان السموات الجديدة والارض الجديدة التي انا صانع تثبت امامي يقول الرب هكذا يثبت نسلكم واسمكم. ويكون من هلال الى هلال ومن سبت الى سبت ان كل ذي جسد يأتي ليسجد امامي قال الرب" اشعياء 66: 22 و 23.

 

    لقد صُممت هذه الدروس لتكون بركة لك. كل مرة تنظر فيها وترى السبت لعلك تتذكر بركات السبت الرائعة التي تنتظرك وأنت تنضم إلى سكان السماء. وتحذو حذو الآباء والرسل في طاعة أمينة، فتحفظ اليوم الذي قدسّه الله. في كل درس من هذه الدروس سوف تجد مبادىء الكتاب المقدس المتعلقة بالسبت التي يُقصد بها مساعدتك على فهم يوم الله المقدس على أكمل وجه. وعندما تنتهي الحياة لعلك تنال بركة عظمى. "طوبى للذين يصنعون وصاياه لكي يكون سلطانهم على شجرة الحياة ويدخلوا من الابواب الى المدينة" رؤيا 22: 14.